الفصل الثالث : المهمة والإتحاد مع البابا، الأساقفة والكهنة
- بالكامل (3.34 Mo)
- جزء 1 (678 Ko)
- جزء 2 (1.23 Mo)
- جزء 3 (1.6 Mo)
إنّ عنوان هذا الفصل يدعنا نعتقد أنّ هناك موضوعين مختلفين سيعالجان هنا.المَهمّة من ناحية.الإتّحاد مع البابا، الأساقفة والكهنة من ناحية أخرى. سيجعلنا الإهتمام التّربوي بالطّبع نبدأ بفصل إنجيلي يعالج موضوع المَهمّة:"أنتم ملح الأرض،أ،نتم نور العالم".في مرحلة ثانية، سنتبع فرنسيس في طريقه إلى روما. سنعلّق على المقابلة التي أجراها،هو ورفاقه الأُوَل، مع الحبر الأعظم. أخيراً،سنكتشف البند٦ من قاعدتنا. سنرى إذاً أنّ إذا عولج الموضوعين المعنيّين على حدى ، فهما مرتبطين بشكل غريب مع بعضهما البعض.
- 0
أنتم ملح الأرض، أنتم نورالعالم
يفاجئ هذا التأكيد المزدوج الموجّه من المسيح لتلاميذه : أنتم ملح الأرض ، انتم نور العالم. لو قال المسيح هذا الشّيء عن نفسه : أنا ملح الأرض ، أنا نور العالم لفهمناه بسهولة أكثر وتقبلّناه بدون صعوبة. ولكن ليقول هذا عنّا نحن؟ رغم أنّ يسوع ليس بملاطف يعيش على حساب الذّّين يسمعونه. هذه التّأكيدات منه لا يمكن إلآّ أن تكون صحيحة. هذه العبارات تهزّ، تُجبرُ على التّفكير،على التّأمّل و... على العيش. أجل،ليس هناك من عبارات ملاطفة في هذه الغايات،ولكن ضرورة للعيش في عالم حسب مخطط الله.
يتوجّه يسوع إلى تلاميذه. يجري المشهد في أحد الجبال القريبة من مدينة كفرناحيم.
رسل وتلامذة، إسمعوا : أنتم ملح الأرض
رسل وتلامذة، إسمعوا : أنتم ملح الأرض ونور العالم. ولكن إذا أخفقتم في مهمّتكم ستصبحون ملحاً فاسداًوغير نافعاً. لن يوجد شيء سيعيد النّكهة إذا لم يعطها الله لكم... سيصبح ملحكم إذاً كخليط من الحصى حيث فُقدَت حبّة الملح،وحصاً تصرّ تحت الأسنان،وتترك في الفم طعم الأرض وتجعل من الطّعام طعاماً كريهاً ومقزّزاً. لن يُصبحَ حتّى للإستعمال السّفلي لأنّ طينة المعلافة بسبعة عيوب ستؤذي حتّى المَهمات الإنسانية. ولا يَصلح الملح إلاّ لرميه ودعسه تحت أرجل البشر اللامبالية.
أنتم نور العالم
أنتم
نور العالم.
أنتم
مثل هذه القمّة
التي كانت الأخيرة
لتفقد الشّمس
والأولى لإلتقاط
نور القمر الفضّي.
إنّ
الذي يوجد فوق
يلمع، ونراه
لأنّ العين،
تنظر أحياناً
إلى الأعالي
حتّى الأكثر
الشّاردة الذّهن.
أقول
حتّى أنّ العين
التي تقول أنّها
مرآة النّفس،
تعكس رغبة النّفس،
الرّغبة الخفيّة
أحياناً، ولكن
دائماً طالما
أنّ الإنسان
ليس بشيطان،رغبة
الأعالي،أعال
حيث أنّ الإدراك
يضع فطريّاً
الآب العالي.
وإذ
هو يبحث في
السّماوات،يرفع،
ولو بضع مرّات
في سياث حياته،
عينه نحو الأعالي.
تنظر
العين إلى الأعلى.
أرجو
منكم أبضاً أن
تتذكروا أسفارنا. إلى
أين تذهب عيننا،كما
لتنسى مسافة
الطّريق، الملل،
التّعب، الحرارة
أم الوحل؟ نحو
القمم، حتّى
ولو كانت مرتفعة
قليلاً، حتّى
لو كانت بعيدة.
وكم
نتعزّى عندما
نراها تظهر،
بعد أن كنّا في
سهل مسطّح على
نمط واحد.
هل
هناك وحلاً في
السفل؟ توجد
الطّهارة في
الأعالي.
هل
هناك حرارة
خانقة في الأسفل؟توجد
النّقاوة في
الأعالي.
هل
الأفق محدّد
في الأسفل؟ فوق
يمتد بلا حدود.
وبمجردّ
النّظّر إليها،
يبدو النّهار
أقلّ حرّاً،
الوحل أقلّ
لزجاً والمشي
أقلّ
حزناً. نقول حتّى أنّ جهة دون أهمية تزداد جمالاً إن وُضعَت في مكان تقريباً جوّيّ، على قمّة جبل. لّلك، في الدّيانة الحقيقية والأخرى التي هي غير صحيحة، فإنّ كلّ المّرات التي استطعنا فيها بناء معابد على مكان مرتفع،وإذا لا يوجد ولا هضبة ولا جبل، نقيم لها منبراً من حجر ببناء مسطّح بواسط اليدين، حيث نضع المعبد. لماذا نتصرّف على هذا الشّكل؟ لأنّ في رغبتنا برؤية المعبد، يذكرنا برؤية الله.
لقد قلتُ لكم أيضاً أنّكم النّور. إنّ الذّي يُضيء قنديلاً في البيت، أين يضعه يا تُرى؟ في حفرة، تحت الفرن؟ في كهف يُستعمَلُ كقبو؟ أومخبّئ في صندوق؟ أو أيضاً ببساطة وفقط هل يخبئه تحت صاع؟ لا، لأنّه من غير الضّروري إشعاله. ولكنّه يضع القنديل على أعلى المنضدة أو يُعلّقه على مقبض إذ بكونه عالياً يُضيء كلّ الغرفة ويُنير جميع الأفراد الموجدين. وهذا بالتّحديد، لأنّ ما نضعه في الأعلى مفترض به تذكيرنا بالله وبإعطائنا النّور، يجب أن يكون أهلاً لواجبه.
يجب أن تُشبهوا ألإله الحقيقي، يجب أن تحملوا نور الله
أنتم الذين تحييون الإله الحقيقي، إفعلوا ذلك بطريقة دون أن يكون فيكم وثنية العوامل السّبع. وإلاّ ستصبحون أماكن عالية مدنّسّة مع غابات مقدّسّة، مهداة لهذا أو لذلك الإله وستجرّون بوثنيتكم الذين ينظرون إليكم كمعابد لله. يجب أن تحملوا نور الله. فقنديل ملطّخ، وغير مليء بالزّيت، يُدخّن ولا يُعطي نوراً. رائحته كريهة ولا يُنير. وقنديل مخبّئ وراء أنبوب من الصّوّان الوسخ لا يخلق رشاقة الرّونّق، لا يخلق لوحة النّور البّرّاقة على معدن نظيف، ولكن يختفي وراء وشاح من الدّخان الأسود الذي يجعل من مخبئه الماسي معتماً.
يشعّ نور الله حيث توجد إرادة مثابرة لرفع كلّ يوم الحمم الذي يُنتجها العمل بحدّ نفسه، مع الإتّصالات المحتمة، ردّات الفعل، خبيات الأمل. يشعّ نور الله عندما يكون القنديل فائضاً بسائل غزير بتضرّعات وحسنات. يتضاعف نور الله في رونق لا حدود له عندما تتواجد كمالات الله التيتُظهرُ كلّ واحدة منها في القدّيس فضيلة تعمل ببطولة إذا تمكّن خادم الله من أن يُجنّبَ صوّان روحه من الدّخان الأسود لجميع الشّهوات الشّنيعة الضبابية. صوّان حصين. حصين. إنّ الله وحده له الحقّ لمحو هذا البلّور، بحفر اسمه القدّوس بالماس الذي يُريده. فيصبح هذا الإسم حلية تضاعف مظاهر الجمال الفوطبيعية على البلّور الطّاهر جدّاً.
ويل للرعاة الفاسدين
ويل! ثلاث مرّات الويل للرّعاة الذين يفقدون الإحسان، الذين يرفضون الصّعود يوماً بعد يوم مع قطيعهم الذي ينتظر تقشّفه لكي يصعد. سأضربهم وأجعلهم يقعون من نكانهم مخمداًكلّ دخانهم. الويل! ثلاث مرّات الويل للأسياد الذين يرفضون الحكمة ليتشبّعوا بعلم متناقض بغالبته، دائماً متكبّر أحياناً شيطاني لأنّه يُقلّل من إنسانيتهم لأنّ- إسمعوا جيّداً وأحفظوا-. إذ إنّ مصير كلّ إنسان هو بأن يُصبح مثل الله من خلال التّقديس الذي يجعل من الإنسان إبن الله، السّيد، الكاهن الذي منذ وجوده عليه أن يكون له هذا الوجه، الوحيد، الذي هو إبن الله. عليه أن يكون ذو وجه كائن مالك كلّ الرّوح وكلّ الكمال.
الويل! سبع مرّات الويل للذين، من بين كهنتي، قد ماتت روحهم، وقد أصبحوا تافهين، ويتألّم جسدهم من مرض فتور، ونومهم ملئياً بظّهورات مهلوسة بكلّ ما يوجد، إلاّ الإله الواحد والكلّ؛ مليئاً بشتّى أنواع الحسابات، إلاّ الرّغبة الفوطبيعية بزيادة ثروات القلوب ولله. هم يعيشون، مخبّئين في إنسانيتهم, دنئين، فاترين، جارّيين في مياههم الميتة الذين يتبعونهم، معتقدين أنّهم " الحياة". لعنة لله على الذين يُفسدون قطيعي، قطيعي الحبيب. لن أحاسب الذين هلكوا من لامبالاتكم، يا خدّام لله الضّعفاء، بل أنتم وسأفرض عقاباً، لكلّ ساعة وكلّ وقت مبّذورين، لكلّ الشّرّ الذي أثحدثَ أو نتج منه. تذكّروا هذه العبارات. والآن، إذهبوا. سأصعدُ إلى القمّة. ولكن أنتم، تنامون. غداً، سيفتح الرّاعي حقول الحقيقة للقطيع . " * الجزء ٣ ص centro editoriale valtortiano, isola del liri, italie, l'evangile tel qu'il m'a été révélé ماريا فالتورتا ١٤٥ إلى ١٥٠ (خلاصة).
لقد اقترب ملكوت الله من خلال يسوع المسيح
لقد سبق وذكرناه: لقد اقترب ملكوت لله من البشر من خلال شخصيّة يسوع المسيح. إنّ إعلان وتشييد ملكوت لله هما هدفا مَهمّته على الأرض: "... ينبغي لي أن أبشَّر بملكوت لله لأنّي لهذا أُرسلتُ "(لو ٤ ٤٣). سيعمل يسوع على هذا الإعلان من خلال أسفاره في بلاد إسرائيل، ولكن كلامه يتوجّه إلى جميع الإنسانية.
" من خلال لقاءات يسوع مع الكافرين، يبدو واضحاً أنّ الدّخول إلى الملكوت يأتي من الإيمان والإهتداء وليس بمجرّد الإنتماء الأثني ببساطة * الرّسالة البابوية redemptoris missio du souverain pontife jean-paul ii ١٣ ". ولكن هل نستطيع أن الإعتبار بأنّ يسوع هو الكائن الوحيد الذي بواستطته نستطيع أن نبلغ ملكوت السّماوات؟ بمعنى آخر، ألا نستطيع أن نبني خلاصنا في أيّة ديانة أخرى؟ " لا يأتي أحد إلى الآب إلاّ بي " (يو١٤ ٦) يُجيبنا يسوع. أجل، إنّ المسيح هو الوسيط الوحيد بين الله والبشر " لإنّ الله واحد والوسيط بين الله والنّس هو الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فداء عن الجميع "(١ تي٢ ٥-٦).
إذاً، إنّ المسيح لم يُعلن فقط عن الملكوت، ولكن من خلاله، إنّ الملكوت أصبح موجوداً وأُنجزَ : " قبل شيء، يظهر الملكوت من خلال شخصية المسيح نفسه، إبن الله وإبن الإنسان الذي أتى ليَخدم ويُعطي الحياة فداء لأكثرية * conc. oecum. vat.ii , dog. sur l'eglise lumen gentum, n 5 ". " إنّ ملكوت الله ليس بفكرة، مذهب، برنامج نستطيع أن نُعالجه بحرّية، ولكن هو أوّلاً شخصاً له وجهاً وإسماً هو يسوع النّاصري، صورة الله الخفيّة * redemptoris missio,§ 18.الرّسالة البابويّة ".
إذ إنّ الله "يُريدُ أنّ جميع النّس يَخلصون وبَبلغون إلىمعرفة الحقّ " (١تي٢ ٤) ، أي معرفة يسوع المسيح. فيجب إذن أن يُبشّرَ بالمسيح جميع الشّعوب وجميع البشر، وأن يصل هكذا الوحي إلى أقاصي العالم. إنّ الله الذي كَشَفَ حقائق الوحي لتُخلّص به جميع الأمم، عاد فَمنّ عليهم بترتيبات ملائمة، لكي يُحافظَ هذا الوحي على عصمته حتّى منهى الدّهور، ويتمّكن من الوصول، عبر تناقله، على جميع الأجيال * ت م ك ك ٤٧. .
الكنيسة، علامة وأداة الخلاص
هناك
فصلين من الإنجيل
يُذكّران بقوّة
أنّ الكنيسة
هي علامة وأداة
الخلاص :
أوّلاً،تعيين
بطرس كرئيس
الرّسل :
" انتَ
الصّفاة وعلى
هذه الصّفاة
سأبني كنيستي
وأبواب الجحيم
لن تقوى عليها.
وسأعطيكَ
مفاتيح ملكوت
السّماوات فكلّ
ما ربطته على
الأرض يكون
مربوطاً في
السّماوات وكلّ
ما حللته على
الأرض يكون
محلولاً في
السّماوات
" (متى١٦ ١٨-٢٠).
لنعيد
ببطء كلمات يسوع
: على
هذه الصفاة،
سأبني كنيستي.
إذاً
هل بالإمكان
تأسيس كنيسة
قرب الكنيسة
التي أسّسها
يسوع بنفسه،
ولكن دون البوح
بأنّ المقصود
هو كنيسة المسيح.
إنّ
الكنيسة المؤسسة
من قبل يسوع
المسيح هي فعلاً
والوحيدة التي
تعترف ببطرس
كرئيس.
وقد
أعطى يسوع هذا
الإمتياز وهذه
المسؤلية الكبيرة
لبطرس.
سأعطيكَ
مفاتيح السّماوات.
لنحدد
أنّ التّفسير
الكاثوليكي
يُشدّد على أنّ
هذه الوعود
الأبديّة تُمَجّد
ليس فقط من أجل
شخصية بطرس (إبن)
ولكن
أيضاً لخليقته.
بالفعل،
رغم أنّ هذه
النّتيجة لن
تُبَشّر بوضوح
في النّص، فهي
مع ذلك، شرعيّة
بسبب رغبة يسوع
الواضحة بتجهيز
كنيسته كأساس
حتّى بموت بطرس
لن ينفسخَ.
يختم
الفصل الثّاني
بإرسال الإثنين
والسّنعين
تلميذاً في
مَهمّة :
" من
سمع منكم فقد
سمع منّي ومن
احتقركم فقد
احتقرني ومن
احتقرني فقد
احتقر الذي
أرسلني (لو١٠ ١٦). يا
لها من جملة
بليغة.
هل
إنّ عقيدة الكنيسة
أعلى من كلمة
الله؟ لا إنّ
عقيدة الكنيسة
ليست أعلى من
كلمة الله،
لكنّها تسمعه،
تستخدمه، تنقله
بوكالة من الله
مع مساعدة الرّوح
القدس.
التّبشير
بالإنجيل ليس
إذاً بلقب مجد.
هو
حاجة تتوجّب
على جميع المسحيين.
أجل،
" الويل
لي إن لم أُبشّر."
(١كو٩
١٦).
״...
لا
نسيطيع حلّ
الملكوت والكنيسة.
طبعاً،
إنّ الكنيسة
ليست كنهايتها
الخّاصّة،
لأنّها سامية
لملكوت الله
فهي البرعم،
العلامة والأداة.
ولكن، مع أنّها متميّزة عن المسيح والملكوت، فإنّ الكنيسة هي موحّدة دائماً بين الواحد ة والآخرى. لقد وهَبَ المسيح جسده للكنيسة، إلى كمال الحسنات وأشكال الخلاص. إنّ الرّوح القدس يمكثُ فيها، يُحييها بمواهبه وهباته، يُقدّسها، يُوجّهها ويُجدّدها بإستمرار. فينتج بذلك علامة فريدة ووحيدة التي، دون إستبعاد عمل المسيح والرّوح القدس خارج حدود الكنيسة المرئيّة،تَمنَحُ لهذه الأخيرة دوراً محدّداً وضروريّاً. ومن هنا العلاقة المميّزة للكنيسة مع ملكوت الله والمسيح في مَهمّتها بالتّبشير وبالتّأسيس في جميع الأمم * الرّسالة البابويّية §١٨ redemptoris mission du souverain pontife jean-paul ii.
ما هو التّبشير؟
لقد علّم المسيح رسلاً، وهي عبارة تعني "رسول"،" مرسل"، أي "موكّل بمهمّة". من هنا، نحزر بسهولة معنى كلمة تبشير : التّبشير هو عمل الكنيسة التي "تبسط ملك المسيح على كلّ الأرض * ت م ك ك ٨٦٣ . ". إنّ جميع الإنجليين، عندما يسردون مقابلة المسيح مع الرّسل، يختمون بالإرسال في المَهمّة : "إنّي قد أُعطيتُ كلّ سلطان في السّماء والأرض. إذهبوا الآن وتلمذوا... وها أنا معكم كلّ الآيام إلى منتهى الدّهر * متى٢٨ ١٨-٢٠ ؛ مر١٦ ١٥- ١٨ ؛ لو٢٤ ٤٦- ٤٩ ؛يو٢٠ ٢١- ٢٣ ".
نرى هنا الطّابع العالمي للمَهمّة الموكّلة للرّسل: " جميع الأممquot; و الأمانة المعطاة من المسيح أنّهم لن يكونوا وحدهم لإنجاز هذه المَهمّة: " أنا معكم كلّ يوم إلى منتهى الدّهور".
من خلال الرّسل، يوصي يسوع هذه المَهمّة بتوسيع الملكوت إلى أقصى المعمور، على الكنيسة، جسده الروحاني. لأنّ " #1573;ذا الكنيسة هي المنتفعة الأولى من الخلاص، فإنّ المسيح قد دعاها للتّعاون معه لإنجاز الخلاص العالمي. بالفعل، إنّ المسيح يعيش فيها؛ هو زوجها؛ يُؤمّنُ بلوغها؛ يُنجزُ من خلالها مَهمّتَه * lettre encyclique redemptoris missio de notre souverain pontife jean-paul ii , n. 9 ."
في التّعليق الذي سنجريه على البند٦ من قاعدتنا في آخر هذا الفصل، سنطرحُ سؤالاً عمليّاً : " كيف أكون رسولاً ؟ ". ولكن لننقل الآن العناصر الأساسيّة من الأجوبة لهذا السّؤال: لنكن المذاق الذي يُعطيه الملح للطّعام. لنرفع نور الله عالياً في حياتنا، أي في كلمتنا، في تصرّفاتنا وقبل كلّ شيء في اتّصالنا مع بعضنا البعض.
ليكن الجميع واحداً
لنكتشفَ الآن كيف خضع فرنسيس للبابا وهذا الإحترام العميق الذي يكنّه للكهنة.
الكنيسة على محرقة البدع
لنتذكّر : لقد فهم فرنسيس رسالة مصلوب سان داميانو بسماعة الكاهن يُعلنَ عن قراءة الإنجيل. بعد أن حَصَلَ على تأكيد معنى هذه الصّفحة من الإنجيل، جاب فرنسيس الطّرقات للتّبشير. إلاّ أنّ بعد عدة أيّام من بداية الوعظ ، هجر أُناس عالمهم لإتباعه. لندوّن في المقطع أنّ فرنسيس لا يطلب من الله إخوة لمرافقته في مشيته، ولكن الله هو نفسه يُعطيه * ت١٤ : " وبعد أن أعطاني الرّبّ إخوة...". إنّهم حتّى الآن إثني عشر للعيش في السّلام، الفرح، الفقر ومعالجة البرص. فكتب إذاً فرنسيس مقطعاً من بضع كلمات بسيطة، مقطعاً يُلَخّصُ ڊ " العيش وفقاً لمنهج الإنجيل المقدّس * ت١٤ : "...لم يَدُلّني أحد إلى ما يتوجّب عليّ عمله، لكنّ العلي نفسه أوحى إليّ بأنّ عليّ العيش وفقاً لمنهج الإنجيل المقدّس ".".
بعد ذلك، سيبغي فرنسيس لإنشاء منهجاً يُميّزُه حقّاً عن جميع مصلحين عهده. إنّ معظم هؤلاء المصلحين يعيشون حياة فقر وعفّة ويتشفّعون بالإنجيل ولكن، في الوقت نفسه، ينتقدون علانيّا بعضً الكهنة على أخطائهم المتكررة. وعديم الجدوى أن نُحدّد أنّهم لا يعتبرون الحبر الأعظم قدّيساً بما أنّه رئيس عصابة الخطأة هذه. فقرروا أن يكونوا مصلحين للكنيسة. غير أنّ، وبالإضافة أنّهم يُنمّون غالباً نظرية لاهوتيّة غريبة (لنتذكّر بدعة المانوية) ، فإنّ الإصلاح الدّيني يريد أن يبني خارج الكنيسة، أو بالأحرى، وضع الكنيسة على محرقة لخلق كنيسة جديدة، كنيستهم الخاصّة، الوحيدة القادرة على إستدراج الناس إلى الخلاص.
سينجزُ فرنسيس،هو، مشية ستميّزُه حقّاً عن جميع المصلحين: سيذهبُ لرؤية البابا في ذلك الزّمن، إينوشنسيوس الثّالث، ليطلب منه الموافقة على قاعدة حياته. هذه المشية لنذكرها، لأنّها لا تقلّ أهميّة عن الموافقة البابوية في حدّ ذاتها. يُريد فرنسيس ورفاقه الإحدى عشرالأُول عيش الإنجيل دون نزع الصّفحات المزعجة للبعض، مثل : "أنتَ الصّفاة وعلى هذه الصّفاة سأبني كنيستي ",. آه، كم تبدو جملة الإنجيل هذه صعبة للعيش للمصلحين الذين مع هذا يتسمّون من "الإنجيل"! وكيف عاش فرنسيس مع هذه الجملة، هو، واقعيّاً، ببساطة ومنذ بداية الرّهبنة. مع أنّ استقبال الأوّل للبابا لملاقاة فرنسيس ورفاقه كان تقريباً "منعشاً" ويثني ربّما أكثر من واحد للخضوع لشخص بغاية الصّراحة والإستقامة ولكن لكي لا نستعجل كثيراً.
الطّريق نحو بطرس
توجّه فرنسيس على رفاقه الأحد عشر : "يا إخوتي، أرى أنّ الرّبّ، في طيبته، يُريدُ أن يَزيدَ عددنا. لنذهب إذاً لأمّنا الكنيسة الرومانية القدّيسة، ونطلع الحبر الأعظم على ما بدأ الرّبّ بإنجازه من قبلنا، بغية المتابعة على أمره ومن خلال رغبته على ما قد بدأناه * ٣ ر ٤٦. " أعجبَ الإخوة بالخطاب وجميعهم، بقلب فرح، توجّهوا إلى روما مشياً على الأقدام. تبعد مدينة روما عن أسّيزي حوالي ٢٠٠ كيلومتراً. هؤلاء الإخوة الذين يجوبون الطّريق لا يفوّهون إلاّ بكلمات المسيح . عند وصولهم إلى روما، ستساعدهم العناية الإلهيّة لملاقاة البابا لأنّهم، إذا انتقلوا لرؤيته فليس بحوذتهم ايّة رسالة توصية، ولا رخصة مرور، لا فيزا، ولا لقاء معدّ قبل الآوان. بالنّسبة للبابا، فهو يعيش * يدورالسّفر إلى روما بين العام ١٢٠ – ١٢١٠ واحدة من الفترات الأكثر توتراً وألأصعب في مَهمّته البابويّة. على الصّعيد السّياسي، فقد عاش الخبرة الأكثر مرارة والمخيبة من الحرب الصليبية الرّابعة. زد على ذلك، هو منهمك خصوصاً بألمانيا حيث هناك حرباً ماميةً للحصول على خلافة الإمبراطوريّة. وعلى الصّعيد الدّيني، خاصّةً، تحدثُ أموراً خطيرةً في وسط فرنسا حيث الهرطقة الفوديّة والمانوية، رغم أنّهما تتقاتلان بينهما، ينتهزان الفرص في كلّ وقت مناسب لأنتشار حقل نشاطهما. بيار دو كاستلنو، السّفير البابوي، قُتلَ من قبل مروّض جياد الكونت من تولوز الذي يؤمن أنّ بفعلته هذه، يُسعدُ سيّده * إنّ قتل سفيراً بابويّاً من أجل " إسعاد سيّده " يجعلنا نشعر بالجوّ الذي يُسيطر حينها في الوسط رغم أنّ " الجريمة التي حدثت في هذا العهد، هي في غاية الخطورة : فالسّفير، بالفعل، يُعتَبَر تقريباً كالأنا الآخر للحبر الأعظم . editions fransiscaines 1981, saint françois d'assise, raoul manselli,p.97 . في ربيع ١٢١٠، تُشكّلُ هذه التّوترات الحادّة حقّاً المشكلة الأكثرقلقاً لإ. ينوشنسيوس الثّالث. إذاً فكّروا، بفرنسيس المسكين ورفاقه.
لقد جعلت العناية الإلهية أن إلتقوا بمطران أسّيزي، الذي كان مسافراً إلى روما، وقد قلق من وجودهم هنا. هل لديهم نيّةً بهجر أسّيزي؟ لا، الحمد لله. السّبب هو لملاقاة البابا. وضعهم المطران على صلة مع الكاردينال دو لا كوري، المونسنيور جان دو سان بول الذي، إستضافهم عدّة أيّام في منزله، تعمّقَ في معرفتهم وبمشروع حياتهم. إنّ هذا الكاردينال هو الذي دبّرَ لهم مقابلة بين الرسول والإثني عشر إخوة، ليس في صالة فخمة بل في صالة تُدعى " من المرآة " في قصر لاتران. فإذ بالبابا يتنزّه في كلّ اتّجاه، غارقاً في أفكار عميقة * إنّ هذه التّفاصيل معطاة من القدّيس بونافنتورا. س م ٣ ٩..
المقابلةالأولى
عَرَض
إذاً فرنسيس
كلّ مشروعه
الدّيني:
العيش
حسب منهج الإنجيل
المقدّس ومشاهدة
الكمال الإنجيلي
في كلّ شيء.
إستمعَ
له البابا بآذان
صاغية حتّى
إنتهاء فرنسيس
من عرض كلّ شيء.
أجاب
الحبر الأعظم،
رجلاً حذراً
ورزين، فرنسيس
ورفاقه على
الشّكل التّالي
: "إنّ
نوع حياتكم شاق
جدّاً وصعب.
لا
نستطيع أن نزعمَ
في الوقت نفسه
إنشاء رهبنة
دون إمتلاك
شيئاً في هذا
العالم.
من
أين ستحصلون
على ما هو ضروري
لكي تعيشوا ؟
أجاب فرنسيس
: " إنّي
أضعُ نفسي بتصرّف
سيّدنا يسوع
المسيح :
إذا
إلتزم بإعطائنا
الحياة ومجد
السّماء، فهو
لن يخذلنا بالطّبع
أبداً، في الوقت
المناسب، من
الضروة لوجودنا
المادّي على
هذه الأرض.
" فردّ
البابا :
" حسناً
قُلتَ يا بني.
هذا
لا يمنع أنّ
الإنسان، بطبيعته،
هو غير مستقرّ،
ولا يجتَهدُ
طويلاً أبداً
في نفس التّدابير."
* رؤ ب٣٤.
بعض
الكرالة الموجودين
أضافوا أنّ هذا
المنهج هوجديد
ومؤسسة تفوق
قدرات الإنسان.
ولكنّ
الكاردينال
جان دو سان بول
تدخّل لصالح
المشروع :
" إذا
رفضنا كلّ جديد
أو مخاطرة هذا
المسكين :
العيش
طبقاً لنهج
إنجيل المسيح،
سنتعرّض، لجرح
إنجيل المسيح.
لأنّ
دعم أنّ هذا هو
جديد، جنون أو
مخاطرة كممارسة
كمال الإنجبل،
هو تجذيف ضدّ
المسيح، كاتب
الإنجيل."
* مرا ٩.
فتابع
البابا عندها:
" يا
بني، إمضي وصلّي
لله لكي يكشفَ
لكَ أنّ ما تبحثُ
عنه، ينتُجُ
حقّاً عن رغبته،
فإذا كان كذلك،
نستطيع الموافقة
على رغباتكَ."
* ٣ ر ٤٩.
في
نظر الجميع،
لكانت هذه المفابلة
الأولى طبعاً
لإخماد فرحة
شُعلة الحماسة
التي تحرق قلب
رفاقنا.
ليس
صحيحاً.
فالبابا
لم يقل لا.
لكنّ
الرّجل، كما
ذكرنا هو حذر
ودقيق.
لا
يُعطي البابا
موافقة بسهولة
لأوّل صوفاني
يأتي، حتّى ولو
كان معرّفاً
وموكّلاً من
قبل أحد الكرادلة.
بدأ
بطرح مشكلة
فعليّة:
" من
أين ستعيشون
؟ " بخصوص
لا إستقراريّة
الإنسان، يَسمحُ
لنفسه يالتّكلّم
كما إستنتجَ
هو منذ بداية
باباويته
* غ جاء أوثون
دو برونسفيك
من إيطاليا
ليُتوّج في
احتفال كإمبراطوراً
من قبل البابا.
وقد
قطع عهدأً رسميّاً
بالطّاعة
للكنيسة.
وبعدها
فوراً، نقض
تعهّداته السّابقة
وضدّ الرّغبة
الجازمة لإينوشنسيوس،
قرّر مهاجمة
مملكة صقليا
التي كان ملكها
فريديريك روجيه،
الملك المقبل
فريديريك الثّاني،
البالغ من العمر
الرّابعة عشر..
إذاً،
لماذا مَنَحَ
فوراً ثقةً
عمياء لفرنسيس
هذا ورفاقه ؟
بمناداته "
بني"،
يُرسلُ فرنسيس
إلى الصّلاة
ويدعوه لرؤيته
مجدّداً إذا
كشفَ له الله
أنّ ما يبغونه
حقّاً يصدُرُ
فعلاً عن رغبته.
يُتّفَقُ
أنّ الشّرط
المفروض من
الحبر العظم
يتحقق من خلال
جواب مستخرج
من مثل مُلهم.
كان هناك إمرأة فقيرة ولكن جميلة
كما قد إقترح له البابا، ذهبَ فرنسيس إذاً للصّلاة وعادَ بعد بضعة أيّام مع إخوته ليروي للبابا المثل الملهم من قبل الرّبّ : " كان يوجد إمرّة في الصّحراء، إمرأةً فقيرةً ولكن بغاية الجمال. إنجذبَ ملك كبير بجمالها و أراد الزّواجَ منها، إذ كان يأملَ بإنجاب أولاد بهييّ الطّلعة. وهذا ما حدث. رُزقَ بعدّة أولاد وعندما كبروا قالت لهم أمّهم: " يا أولادي، لا تخجلوا ! أنتم أبناء الملك. إذهبوا إلى بلاطه وسيعطيكم ما تريدونه." عندما وصلوا إلى الملك، ذُهلَ هذا الأخير بجمالهم فقد وجدَ فيهم شَبَهَهُ الخاص وسألهم: " من هو أبوكم ؟". " عندما أجابوا أنّهم أبناء المرأة الفقيرة التي تسكنُ في الصّحراء، فرحَ الملكُ وقبّلهم قائلاً: " لا تخافوا، فأنتم أولادي ! وإذا الغرباء يأكلون إلى مائدتي، فأنتم الأجدر يا أولادي الشّرعيين." وأمرَ الملكُ بأن تأتي المرأة وجميع الأولاد الذين ولدوا منهما إلى البلاط * ف حُجِزَت هذه الحلقة من حياة فرنسيس في العام ١٢١٩ من قبل أود دو شيريتون( كونت كنت) في مجموعة الوعظات لأناجيل الأحد. هذا هو نصّه، أكثر كثافو وتعبيراً في آن معاً كالذي نُقِلَ في سيرة فرنسيس التي نملكها : وُجّهت ملاحظة للأخ فرنسيس : من الذي سيعيل إخوتَكَ، إذ إنّكَ تقبلُ جميع الذين يتقدّمون دون قلق؟ أجاب : ذات يوم اغتصبت امراة من قبل ملك في الغابة.رُزِقت بطفل وأعالته لبضع وقت، ثمّ جاءت إلى البلاط تطلب من الملك الإهتمام به من الآن وصاعداً. أجاب الملك:" هناك الكثير من الخسيسين ودون الفائدة في قصري: من العدل أن يأكل ابني إلى مائدتي." لشرح هذا المثل، قال أنّ هذه المرأة، هي هو: لقد خصاه الله من خلال كلمته، وأخلفه بأولاد روحانيّين. كان الله يغذّي قبلاً الكثير من الظّلم، ليس من العجب بأن يوفّر الطّعام لأولاده الخاص. (edition franciscaines 1981 , saint françois d'assise - documents, 2 c16, note 2, p.336).. بعد هذه الرّواية، تابع فرنسيس معلّقاً على المثل : "يا سيّدنا العظيم، إنّ هذه المرأة الفقيرة التي منحها الله المليء بالمحبّة رحمته وأراد منحها أولاداً شرعيين، هو أنا. لقد قال لي ملك الملوك أنّه سيُطعمُ جميع الأولاد الذين ولدوا منّي لأنّ، إذا أطعَمَ الغرباء، يُفتَرَضُ به أن يُطعمَ الذين هم أولاده الشّرعيين. إذا أعطى الله المال والغنى، حتّى للخطأة، فهل سيعطيها بالأحرى بكرم لهؤلاء الرّجال الإنجيليين الذين يستحقّونها.״ * وفقاً ل ۳ ر ٥۰ و ٥۱
المرأة الفقيرة إلى نجدة الأتران
عند سماعه هذا المثل، ذُهلَ البابا. لقد نقل فرنسيس بطريقة واضحة ودقيقة، دون إتكار غاياته الدّاخلية، ولكن بالعكس بتأييدها في الرّوح، كيف يبغي حلّ المشكلة الفعلية المطروحة : تسليم أمره لعطق الخالق الذي " يُطلعُ شمسه على الأشرار والصّالحين ويُمطرُ على الأبرار والظّالمين " (متى٥ ٤٥). مذهولا حقّاً! هكذا كان البابا بمثابرة فرنسيس. ولكن هناك شيئاً آخرأً. منذ زيارة فرنسيس الأولى ، أبصرَ إينوشنسيوس الثّالث حُلُماً. أو بالأحرى كابوساً وهو يبحثُ عن تفسيره : إنّ كنيسة اللاتران * إنّ كنيسة اللاتران هي واحدة من البازيليكات الأربع الكبيرة في روما. في عهد فرنسيس، لم يُقم البابا في الفاتيكان بل في اللاتران. فمن الطّبيعي أن البابا قد رآها تهبطُ لأنّها هي التي ترمزُ آن ذاك مركبَ بطرس. مهدّدة بالدّمار، وكان رجلاً دينيّاً قصير القامة ومظهر بائس يسندها على ظهلاه. إستيقظ إينوشنسيوس الثّالث خائفاً وشبه مشلولاً. أجل، مع كلّ هذه الهجمات التي تهدف الكنيسة، فإنّ هذه الأخيرة ضعيفة ومهدّدة بأن تُصبحَ قريباً
سوى كومةً دمار قابلة لإلهام أبيات شعر من قبل بعض الشّعراء المؤيدّين للماضي. وها إنّ فرنسيس، يَمثُلُ أمامه من جديد، رغم عكس كلّ إنتظار. عندما رأى البابا فرنسيس، هذا الرّجل الدّيني البائس المهرول لخدمة الله، قارنَ حلمه الخاص بالمثل الذي رواه له فرنسيس وبدأ يقولُ في نفسه : "ها هو، هذا الرّجل تادّيني والقدّيس الذي سيرفع كنيسة الله وسيسندها!" وإذ بالبابا يقوم بحركة مختلفة حقّاً عن موفقه منذ اللقاء الأوّل : لقد قبّل فرنسيس. بعدها، وافق على قاعدته ومنحه، هو ورفاقه، الإذن بتبشير التّوبة في كلّ مكان، ولكن بشرط أنّ الإخوة لا يُبشّرون إلاّ بعد موافقة فرنسيس.
الكنيسة في قلب فرنسيس
أعطت
هذه الزّيارة
والخضوع للحبر
الأعظم مظهراً
إنجيليّاً
كاملاً للرهبنة
البدائيّة.
وأعطت
أيضاً "
وجهاً
يُميّزها بوضوح
عن التّحرّكات
الإنجيليّة
الأخرى في ذلك
العهد.
كلّ
البدع-
وكم
كانت عديدة
حينها-
تُبشّرُ
بالعودة إلى
إنجيل الفقر-
المَهمّة
والأخويّة.
على
هذا الصّعيد،
لا شيء يُخيفُ
فرنسيس ورفاقه
من بيار فالدون
مثلاً، هو أيضاً
تاجر إهتدى إلى
الإنجيل.
ولكن
إنّ الذي يُفرّقهما
أصلاً، هو الموقف
المتبادل بالنّسبة
للكنيسة المؤسسة.
لا
يدّعي فرنسيس
أنّه ناقد.
حتّى
أنّه لايفرضُ
نفسه كمجدّد
أو نبيّ.
هو
يعرفُ نفسه
ويشعر أنّه
متضائل لهذا.
طبعاً،
هو يرى تجاوزات
الكنيسة ويتألّم.
لكنّه
لا يحتجّ ضدّ
أحد. تجاه
فساد بعض الكهنة،
يرفضُ هو ورفاقه
لعب دور "
الأنقياء
" و"
الوحيدين".
حتّى
أنّهم لا يُفكّرون
بهذا. فهم
يثدعون ببساطة
مثل"
التّائبين
القادمين من
أسّيزي".
يُريدون
أن يكونوا، في
كلّ قبول العبارة،
"الإخوة
الأصاغر".
في
جميع كتابات
فرنسيس، سنبحثُ
دون جدوى في أيّ
سطر، عن كلمة
تُعبّرُ عن موقف
حكم تجاه النيسة
وسلطتها؛ لا
أثر للمعارضة.
بالعكس،
نجدُ إحتراماً
كبيراً للمؤسّسة
وإرادة واضحة
جدّاً مُعبّرَة
عن خضوع بنويّ،
ملهم من إيمان
عميق."
*
desclée de brouwer 1986,françois d'assise – le retour à l'evangile,eloi leclerc, ch.6, p.120
صحيح
أنّ لا يُسنَح
للجميع بمقابلة
البابا!
ولكن
هذه المقابلة
مع الحبر الأعظم
لم تُعط لفرنسيس
ورفاقه"
كبرياءً
وفخرا".
بالعكس،
سيطلب فرنسيس
لاحقاً من البابا
أن يكون مطران
أوشي ممثّل
الرّهبنة من
قبله، هو، الحبر
الأعظم، لكي
لا تُزعجَ الرّهبنة
البابا في أمور
صغيرة
* ٢س٢٥ .
زد على ذلك أنّ هذا الموقف البنويّ من قبل فرنسيس لا يتوقّف عند خادم الخُدّام. آه ولا! لا يجب ختامة هذا القسم من الفصل دون ذكر المشاعر التي يُنمّيها فرنسيس تجاه الكهنة. هو يدعو جميع رفاقه في ذلك الوقت، لاسيّما الذين سيلحقون بالرّهبنة بعد مماته، لمشاركته معه. إنّ فصلاً من حياة الملك داوود يُلخّصُ جيدّاً شعور فرنسيس هذا الذي يكنّه للكهنة وخاصّةً أصول هذا السّبب العميق. سنعود لفرنسيس بعد أن نروي هذا الحدث الذي لا يُشكّل أطروفةً بسيطةً.
...لأنّه مسحة من يهوه
لنتذكّر. قتل داوود في عراك وحيد المارد غوليات وخلّص بذلك الفعل الشّعب العبري من أظافر الشّعب الغير المثقّق. عندها، رقصت نساء إسرائيل وهنّ يغيّنّ : لقد قتل سول آلافه وداوود عشرة ألآف * ١ صم ٧١٨. "عندما سمع سول هذه الأغاني، غضبَ جدّاً من رؤية التّهاليل لعشرة ألآف دافيد وفقط آلاف له. تملّكت الغيرة في قلبه وذهب يبحث عن داوود ليقتله. هذا الأخير، ليُنقذَ حياتيه، إضطرّ للهرب. ذات يوم، عندما كان داوود ورجاله مختبئين في أعماق مغارة ، مرّ سول معحرّاسه باحثاً داءماً عن داوود. لكنّ سول أحسّ
برغبة قويّة لقضاء حاجته فدخل دون أن يعلم مغارة داوود. ضغط رجال داوود عليه لإنتهاز الفرصة وقتل سول. لكنّ داوود لم يفعل شيئاً. إقتربَ من هذا الأخير دون ضجّة، ومزّقَ خلسة قطعةً من معطف سول. خرجَ الملكُ من المغارة وامتطى حصانه. لَحقَبه داوود وصرخَ : " سيّدي الملك! " نظر سول وراءه فشاهد داوود مذهولاً. حيّاه هذا الأخير وتابع : " لماذا تستمع إلى النّاس الذين يقولون : ها إنّ داوود يبحثُ عن تعاستك؟ في هذا اليوم، لقد رأت عيناك كيف وضعكَ يهوه بين يديّ في هذه المغارة، ولكنّي رفضتُ قتلكَ، وأنقذتكَ قائلاً ك "لن أضعَ يدي على سيّدنا لأنّه مسحة من يهوه. آه يا أبتي، أُنظر، أُنظر على ذيل معطفكََ في يدي : إذا أمكنني قطعه ولم أقتلكَ، فاعلم بوضوح أن ليس في نيّتي لا شرارة ولا جرم..." عند رؤية هذا، قال الملك لسول: " أنت عدل أكثر منّي، لأنّكَ صنعتَ خيراً وأنا بادلتُكَ شرّاً واليوم لقد بلغت هذه الطّيبة قمّتها. لقد وضعني يهوه بين يديكَ ولم تقتلني. عندما يقابل المرء عدوّه، هل يدعَهُ ببساطة يُكملُ طريقه؟ ليكافئكَ يهوه على الخير الذي صنعته اليوم. الآن، أعلم حقّاً أنّكَ ستحكمُ بعدل وأنّ الملكوت على إسرائيل سيكون قويّاً * استناداً ل١ صم ٢٤ ."
المسح في كتاب علم الرّموز الإنجيلي والقديم
رفضَ داوود أن يرفع يده على الملك سول لأنّه مسححة من يهوه. ولكن ما معنى هذا؟ ما هي "المسحة"؟ لنقل أوّلاً أنّ في العهد القديم كان جميع الكهنة والملوك مدهونين، ولكن ليس الآخرين. إنّ المدهون هو الذي قد حصلَ على مسحة تُعطيه علامةً مميّزة. : هو مدهون من يهوه. هناك شيئان تتوضّحان بخصوص هذه المسحة : أوّلاً، علامة المسح بحدّذاتها. أخيراً، تُشيرُ المسحة وتطبعُ : الختم الرّوحي.
إنّ المسحة مشحونة بالمعاني : فالزّيت هورمز الوفرة والبهجة. ووسيلة تنقية ومرونةً * في العصر القديم، يتدهّن الرّياضيون والمصارعون الجسم بالزّيت.. هو علامة الشّفاء، بدليل أنّه يُخفّف اللدمات والجروح * لو١٠ ٣٤ "فدنا إليه وضمد جراحاته وصبّ عليها زيتاً وخمراً…" . يُضفي على الجسد جمالا ًوصّحة وقوّة.
بهذه
المسحة،ينال
طالب التّثبيت
" سمة
"الروح
القدس، بمعنى
آخر الختم الرّوحي،
من الذي يُعطيه
إيّاه.
فالختم
هو رمز الشّخص
(تك١٨ ٣٨)
،
وعلامة سلطته،
وامتلاّكه لمتاع
ما. فهكذا
كانوا يُسمّون
قديماً الجنود
بوسم زعيمهم،
والعبيد بوسم
سّيدهم
*
وفقاً ت م ك ك
١٢٩٣ و١٢٩٥ .
.
بالنّسبة
للملك سول، كان
ختمه ختم الله،
وتحديداً ختم
الرّوح القدس.
إنّ
سول " ينتمي
" على
الله. ولهذا
السّبب رفض
داوود قتله رغم
كلّ الشّر الذي
يكنّه له سول.
إنّ
المسحة التي
حصل عليها سول
تتصدّر على
الباقي في نظر
داوود، بما في
ذلك "
الدّفاع
الشّرعي".
بسبب طبعه الكهنوت
إذاً،هذا بالتّحديد الشّهور الذي يكنّه فرنسيس للكهنة، مهما كانت الحياة التي يعيشونها! في جميع كتابات فرنسيس وسيرة حياته، لا نجدُ هذا الإحترام العميق إلاّ في وصيّته الخاصّة : "بعدئذ، أعطاني الرّبّ ولا يزال يُعطيني، إيماناً كبيراً لالكهنة الذين يَحيون وفقاً لنهج الكنيسة الرّومانية، بسبب رُتبتهم، بحيثُ إنّي أُريدُ اللجوء إليهم، حتّى إن هم اضطهدوني. وحتّى لو كان لديّ مثلُ حكمة سليمان، ولقيتُ كهنة مساكين، في هذا العالم، فإنّي لا أُريدُ أن أَعظَ، ضدّ إرادتهم، في الرّعايا حيثُ يمكثون. وأريدُ أن أحترمهم، هم، وجميع (الكهنة) الآخرين، وأن أحبّهم، وأُكرّمهم، كأسياد لي. ولا أُريدُ أن أن أنظر إلى الخطيئة فيهم، إذ إنّني أُميّزُ فيهم ابن الله، وهم أسيادي * و ف من ٦ إلى٩.." لا ينظرُ فرنسيس ولا يريدُ أن يرى، القشّ الموجود في عين قريبه. بالعكس، هو يهتمّ فقط بإكتشاف الشّخص الحيّ والفعّال للمسيح في إخوته، وخاصّة الذين هم كهنة. وشرح لنا لماذا : بسبب طبعهم الكهنوتي. نعم، كلّما قد قرأناه بخصوص مسح الكهنة وملوك العهد القديم يجب أن يُطبّق في الكنيسة بالنّسبة لفرنسيس والسّبب! إنّ الذي لطالما إنتظرناه قد وصلَ وهو حقّاً أتى ليشاركنا مسحته.
إنّ روح السّيّد الرّبّ علي
بالطّبع،
هناك "مسحات
" من
الرّبّ في التّحالف
القديم، بغاية
الكمال كالملك
داوود
* ١ صم١٦ ١٣ ..
لكنّ
المسيح هو مسحة
الله بطريقة
فريدة.
ففي
كتاب إسحاق هو
الموضوع بحدّ
ذاته : "
إنّ
روح السّيّد
الرّّبّ عليّ
لأنّ الرّبّ
مسحني "(اش
٦١ ١ و لو٤
١٨). من
المسيح الذي
أصبح إنساناً،
أصبحت ألإنسانيّة
بكاملها"
مسحة
من الرّوح القدس
". إنّ
كمال الرّّوح
لا يَجدرُ به
أن يبقى فقط في
المسيح.
يجبُ
أن تَصلَ إلى
جميع شعوي المسيحيّة.
يُنجَزُ
هذا الإتّصال
واقعيّاً في
الحياة، من خلال
طقوس الأسراروخاصّة
طقوس المسارة
: سرّ
المعموديّة،
التّثبيت والقدّاس.
في
رتبة المعموديّة،
إنّ المسحة
بالزّيت المقدّس
يرمزُ إلى موهبة
الرّوح القدس
للمعمّد الجديد.
إنّ
حياة الله تتدفّف
فيه. لقد
أصبح مسيحيّاً
أي "ممسوحاً"بمسحة
الرّوح القدس.
بسرّ
المعموديّة،
أصبح متحد بالمسيح
الممسوح كاهناً،
ونبيّاً وملكاً
* حسب ت م ك ك ١٢٤١..
بالتّثبيت
يشترك المسيحيون،
أي المسحاء،
إشتراكاً أفعَل
في رسالة يسوع
المسيح وامتلاكه
من الرّوح القدس
الفائض فيه،
فيفوح من حياتهم
" أريج
طيّب المسيح"
* حسب ت م ك ك ١٢٩٤..
إذا
كانت المعموديّة
تزوّد "
الكهنوت
العام للمؤمنين"،
فإنّ سرّ التّثبيت
يُعطينا قوّة
الإعتراف بإيمان
المسيح علنيّاً،
كواجب مَهمّة.
أخيراً، إنّ الإفخارستيّا المقدّسة تختم مرحلة التّنشئة المسيحيّة. فالذين أُكرموا بالكهنوت الملكي بالمعموديّة، وتصوّروا، بالتّثبيت، بصورة المسيح بوجه أعمق، يشتركون، مع كلّ الجماعة، في ذبيحة السيّد نفسه، بواسطة الإفخارستيّا * حسب ت م ك ك١٣٢٢.. هو يُغذّي حياته الفوطبيعيّة. الإفخارستيّا هي " منبع المسيحيّة كلّها وقمّتها ً. فالأسرار وجميع الخدَم الكنسيّة والمهامّ الرّسوليّة مرتبطة كلّها بالإفخارستيا ومترتّبة عليها. ذلك بأنّ الإفخارستيّا تحتوي على كنز الكنيسة الرّوحي بأجمعه، أي على المسيح بالذّات فُصحُنا * ت م ك ك ١٣٢٤..
لكنّ
الكهنة هم الوحيدين
الدين حصلوا
على هذه الخدمة
بتكريس الخبز
والخمر.
يُحدّد
لنا فرنسيس في
وصيّته أنّه
لا يُريد النّظر
إلى خطيئة الكهنة.
يُحدّد
لنا: "
وإنّي
أفعلُ هذا،
لأنّني، في هذا
العالم، لا أرى
شيئاً جسديّاً،
من الإبن العليّ،
سوى
جسده، ودمه،
الكلّيي القداسة،
اللذين يقبلونهما
هم أنفسهم ،
وهم وحدهم
يوزّعونهما
على الآخرين."
* و ف ١٠..
فهم
لا يفعلون هذا
من أجلهم بل
(وفقط)
من
أجل الله.
بالفعل،
نرى هنا حقّاً
التّبيق الفعلي
للإيمان والإحسان.
بالنّسبة
لفرنسيس، "
أن
أحبّ الله"
يقترن
ضروريّاً "
بمحبّة
القريب ً.
لنشاهدَ
الآن محتوى
البند٦ من قاعدتنا.
سنبحث
عن اكتشاف سرّ
الإتّصال الجلّيّ،
في البند نفسه،
وعن مواضيع
المَهمّة والإتّحاد.
المَهمّة والإتّحاد مع البابا، الأساقفة، والكهنة
البند ٦ .
أموات وأحياء مع المسيح في المعموديّة التي تجعلهم أعضاءً الكنيسة الأحياء . هم موحّدون فيها بعمق أكثرمن خلال إلتزامهم . سيجتهدون ليكونوا شهداء نشيطين في مَهمّتهم بين البشر، معلنين المسيح من خلال الحياة والكلمة.
مُلهمون من القدّيس فرنسيس ومدعوون من قبله لتجديد الكنيسة، سيتعهّدون للعيش في إتّحاد قويّ مع البابا، المطارنة، الكهنة، في حوار واثق ومفتوح بإبداعية رسوليّة * بولس السادس، رسابة إلى الثلاثي ١٩ \ ٥ \ ١٩٧١ ، ιιι. .
أموات وأحياء مع المسيح في المعموديّة
في اللغة الإغريقيّة، إنّ كلمة معموديّة تعني غطس. المعموديّة المعطاة من قيل القدّيس يوحنّا المعمدان في نهر الأردن غمرت الأشخاص الذين حصلوا عليها. أيضاً، وعلى مدى طويل في الكنيسة، يحصل الأفراد المبتدئين على المعموديّة من خلال تغطيس كامل في جرن العماد بشكل مناسب. هكذا، بالمعموديّة، يكون المسيحي مغطّساً في سرّ المسيح الميّت والحيّ. ولكن ماذا تعني تلك العبارة " أموات وأحياء مع المسيح في المعموديّة "؟ لننطلق أوّلاً من خلال إثبات أنّ العنصر ألأساسي في سرّ المعموديّة هو إستعمال الماء. عندما يُعمّد الكاهن بإسم الآب والإبن والرّوح القدس، يفعلُ هذا وهو يصبّ الماء على رأس المُعَمّد، الماء التي هي علامة مرئيّة للنّعمة الخفيّة. ربما من خلال صلاة منح البركة للماء المُعَمّدة، المتلاة من قبل الكاهن أثناء قدّاس ليلة الفصح، نجدُ التّفصيل الأوضح الذي يجعلنا نفهم أفضل هذا التّأكيد : " أموات وأحياء مع المسيح في المعموديّة ". إنّ بركة ماء المعموديّة تجعانا نرى أنّ الماء هي ربّما، رمز الموت، أو رمز الحياة.
في تبدأ الكنيسة بإحياء ذكرى الأحداث المهمّة في تاريخ خلاص التّحالف القديم التي ظهرت سابقاً في سرّ المعموديّة : " اللهمّ، يا من بقدرتك الخفيّة، زوّدتَ أسراركَ المقدّسة بمفعول عجيب، وخلقتَ الماء وهيّأته ليظهر العماد:
يا من كان روحكَ يرفُّ على وجه المياه منذ الخليقة، فحملت الماء منذ ذلك الحين قوّة ا لتّقديس * منذ فجر العالم، والماء- تلك الخليقة المتواضعة العجيبة- هو نبع الحياة والخصب. ويرى الكتاب روح الله"يرفرف عليه". ت م ك ك ١٢١٨. .
يا من أشرتَ إلى الميلاد الثّني بالطّوفان الغامر، فأصبح عنصر الماء هذا رمزاً إلى نهاية الرّذيلة
وبداية الفضيلة * وقد توشّمت الكنيسة في فلك نوح رمزاً مسبّقاً للخلاص بواسطة المعموديّة. فبالفلك "نجا بالماء عدد قليل، أي ثمانية أشخاص". ت م ك ك ١٢١٩ . إذا كان ماء الينبوع يرمز إلى الحياة، فماء البحر يرمز إلى الموت. ولهذا فهو رمز سرّ الصليب. من خلال هذه الصّورة الرّمزيّة تعبّر المعموديّة عن الإستراك في موت المسيح. ت م ك ك ١٢٢٠ .
يا من سرتَ بأبناء إبراهيم في البحر الأحمر على اليبس، فكان الذين أنقذتهم من العبوديّة صورة سابقة لموكب المعتمدين * بيد أنّ عبور البحر الأحمر الذي به تحرّر إسرائيل حقّاً من عبوديّة مصر، هو الذي يُبشّر بالعتق الذي تحقّقه المعموديّة. ت م ك ك ١٢٢١. .
تذكّرنا البركة أيضاً بعمادة المسيح:
يا من إعتمد ابنكَ على يد يوحنّا في الأردن يوم مسحه روحكَ القدّوس، وفاضَ دم وماء من جنبه
وهو على الصّليب وأمرَ تلاميذه بعد قيامته أن:ص إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والإبن والرّوح القدس." * جميع رموز العهد القديم تنتهي في المسيح يسوع.فقد بدأ حياته العلنيّة من بعد أن تعمّد على يد يوحنا المعمدان في الأردن. ومن بعد قيامته وكّل إلى تلاميذه هذه الرّسالة :"إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والإبن والرّوح القدس، وعلّموهم أن يحفظوا كلّ ما أوصيتكم به"(متى٢٨ ١٩-٢٠) ت م ك ك ۱۲۲۳.
تتابع البركة بذكر المعموديّة في الكنيسة :
أُنظر إلى وجه كنيستكَ، واجعل ينبوع العماد يجري فيها.
إمنح هذا الماء نعمة ابنكَ الوحيد، بقوّة الرّوح القدس، فيغتسل به الإنسان المخلوق على صورتكَ، من رواسب الفساد القديم، ويولد ثانية من الماء والرّوح القدس، ويحيا طفولة جديدة بريئة * بفصحه، فجّر المسيح لجميع النّاس ينابيع المعموديّة. والواقع أنّه عندما تحدّث عن آلامه التي كان مزمعاً أن يكابدها في أورشليم، إنّما تحدّث عن "معموديّة" كان عليه أن يقبلها(مر١٠ ٣٨). وما الدّم والماء اللذان خرجا من جنب يسوع المطعون، وهوعلى الصّليب، سوى رمزين للمعموديّة والإفخارستيّا، سريّ الحياة الجديدة. فأصبح من ثمّ، ممكناً أن "يُولدَ الإنسان من الماء والرّوح" ليدخل ملكوت الله(يو٣ ٥). ت م ك ك ١٢٢٥.."
ثمّ يختُمُ الكاهن البركة بتغطيس
" لتحلّ، يا ربّ، بابنكَ الوحيد، قوّة الرّوح القدس على هذا الماء، حتّى يدفنَ الإنسان بالعماد مع المسيح، ويقوم معه للحياة. بالمسيح ربّنا. " * المؤمن –على حدّ قول القدّيس بولس- يشترك في المعموديّة في موت المسيح، ويُدفَنُ وينهضُ معه: " إنّا، إذ اعنمدنا في يسوع المسيح، إنّما اعتمدنا في موته. فلقد دُفنّا معه في المعموديّةللموت، حتّى إنّا، كما أُقيمَ المسيح من بين الأموات بمجد الآب، كذلك نسلكُ نحن أيضاً في حياة جديدة"(رو٦ ٤٣). ت م ك ك ۱۲۲٧.
وهكذا، من خلال المعموديّة، يُشاركنا المسيح بموته وبقيانته.
متّحدين بالكنيسة بعمق أكثر من خلال إلتزامهم
إنّ الفعل التّفضيلي المستعمل هنا يُمكن أن يُفاجئنا. هل الإلتزام هو أعلى من سرّ المعموديّة لكي نُصبح من خلاله موحّدين بعمق أكثر بالكنيسة؟ إنّ تفكيراً كهذا يجب إبعاده. وحفظه يُشير بالإعتبار (الكبرياء) أنّ إخوة وأخوات القدّيس فرنسيس ، هم، بإلتزامهم، مسيحيين عظماء فوق الجميع. في الحقيقة، إنّ الإلتزام الفرنسسكاني هو، في هذا الوضع، كممزوج بسرّ التّثبيت. لا يجب القول، أو الإعتقاد، أنّ الإلتزام الفرنسسكاني "يحلّ" ماكن سرّ التّثبيت، أو أنّه بحدّ داته سرّ التّثبيت. ولكن، يمكننا التّأكيد أنّ الإلتزام الفرنسسكاني هو مثل مظاهرة حسّيّة، مثل تطبيق واقعي لسرّ التّثبيت. يجب أن يُقرأ المقطع بهذا المعنى بالظّبط. هناك رأيان يشهدان على عدالة هذه التّسمية : أوّلاً الكلمات المستعملة؛ ثانياً، محل التأكيد نفسه في المقطع من البند ٦.
لنعد إلى الكلمات المستملة في البند٦ ولنقارنها بعدها بالتي تتواجد في تعريف سرّ التّثبيت والنّعم التي تهبها. "هم (إخوة القدّيس فرنسيس العلمانيين) أيضاً متّحدين بها(الكنيسة) من خلال إلتزامهم". إذ، نجدُ في التّعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيّة التّوضيحات التّالية : بالتّثبيت يشترك المسيحيون ، أي المسحاء، اشتراكاً أفعل في رسالة يسوع المسيح وامتلائه من الرّوح القدس الفائض فيه * ت م ك ك ١٢٩٤ . "؛ وإذ نتابع أبعد نقرأ: " فالذين أُكرموا بالكهنوت الملكي بالمعموديّة، وتصوّروا، بالتّثبيت، بصورة المسيح بوجه أعمق * ت م ك ك ١٣٢٢ . " أيضاً، نستطيع أن نقرأ في مقدّمة سرّ التّثبيت : " لا بدّ من أن يُفسّر للمؤمنين أنّ قبول هذا السرّ ضروري لإنجاز نعمة المعموديّة * ت م ك ك ١٢٨٥ .لماذا سرّ التّثبيت هو على حدى(أو سرّ أكثر)؟ إنّ مجدّدي القرن السادس عشر رفضوا التّثبيت كسرّ معتقدين (كما هو حالة كالفين)أنّهم يحطّون المعموديّة إذا اعتُبرَت غير كاملة، أو كشيء يجب أن "يُنجَز". إذا نسينا الإرتباط بين المعموديّة والتّثبيت، يُمكن لهذا الإنتقاد أن يُبرأ. ولكن هذا ليس تعليم الفاتيكان الثّاني. saint paul 1999 , liturgie et sacrements , cardinal cristoph schönborn , ch.25 le baptême et la confirmation, p.83.(une partie de ce paragraphe traitant de la confirmation est extraite de cet ouvrage). " إذاً نرى بوضوح أنّ الشّروحات المختّصة بسرّ التّثبيت تستعمل نفس الكلمات بالنّسبة للمعموديّة كما البند ٦ من قاعدتنا بخصوص الإلتزام.
الرأي الثّاني هو موضع الجملة " متّحدين بها بعمق أكثر من خلال إلتزامهم " بالنّسبة للنّص الذي سبقَ والنّص الذي يلي. الذي سَبَقض، هي المعموديّة التي تجعلهم أفراد الكنيسة الأحياء. إذ، إنّ السّرين ، المعموديّة والتّثبيت، ينقلان الرّوح القدس وهباته، ولكن كما الولادة والنّموّ لا نستطيع حلّهما، هكذا سرّ النّموّ في الرّوح القدس يجبُ أن يُسبَقَ بتجدّد للحياة الجديدة.
أمّا بالنّسبة للنّص الذي يلي : " سيجتهدون إذاً ليكونوا الشاهدين النذشيطين في مهمّتهم... * لقد اقترب ملكوت الله من البشر في شخصيّة يسوع المسيح. فإعلان وتأسيس ملكوت الله هما هدف مَهمّته الرّئيسيّة على الأرض : " ... ينبغي لي أن أُبشّرَ بملكوت الله لأنّي لهذا أُرسلت."(لو٤ ٤٣) وهو يدعونا أن نحتذيه، أن نعلنه لجميع الشّعوب وجميع البشر، وأن يصل هكذا الوحي إلى أقاصي العالم. " والحالة هذه، إذا أصبحَ الفردَ عضواً في الكنيسة من خلال المعموديّة، فحينَ التّثبيت ، يظهرُ عنصراً آخراً : ليس فقط أنّ كلّ فرد بحاجة إلى الرّعية، بل إنّ الرّعية تحيا من خلال المسؤلية المجتمعة والتزام كلّ فرد. يريد سرّ التّثبيت تذكير هذا المظهر خصوصاً وجلب المسيحي الشّاب، الممتلئ بالرّوح القدس، ليكون في المستقبل حاضراً لمَهمّة الكنيسة الرّسوليّة. إذاً، " فبسرّ التّثبيت يتوثّق ارتياط المعمّدين بالكنيسة على وجه أكمل، ويؤتيهم الرّوح القدس قوّة خاصّة تُلزمهم التزاماً أشدّ بنشر الإيمان، والذود عنه بالقول والعمل، فعل شهود للمسيح حقيقيين * ت م ك ك ١٢٨٥ .."
إذاً، "متّحدّون بعمق أكثر بالكنيسة من خلال إلتزامهم " تعني فعلاً أنّ الإلتزام في الرّهبنة الفرنسسكانية العلمانية يجب أن يُعلَنَ ويُسمَعَ مثل مظاهرة حسيّة، كتطبيق عمليّ، لسرّ التّثبيت.
الشّهود النّشيطون لمَهمّتهم
إنّ
مصير كلّ إنسان
هو بأن يُصبحَ
شبهاً لله من
خلال التّقديس
الذي يجعل من
الإنسان ابن
الله. كيف
يستطيع أن يحفظ
هذه البشرى
الجديدة لنفسه؟
ألا يُريد الله
أنّ " جميع
النّاس يخلصون
ويبلغون إلى
معرفة الحقّ
(١تي٢ ٤)"
،
أي من يسوع المسيح؟
"وأمّا
أنتم فجيل مختار
وكهنوت ملوكي
وأمّة مقدّسة
وشعب مقتنى
لتختبروا بفضائل
الذي دعاكم
من
الظّلمة إلى
نوره العجيب
"(١بط
٢ ٩). إنّ
التّبشير هو
حقّاً عمل الكنيسة
الذي يرتكز على
حمل النّور إلى
العالم، إلى
" بسط
مُلك المسيح
على كلّ
الأرض
* ت م ك ٨٦٣.".
يوم
الصّعود، توجّه
المسيح إلى رسله
بالكلمات التّالية
: "... لكنّكم
ستنالون قوّة
الرّوح القدس
الذي يحلّ عليكم
فتكونون لي
شهوداً في أورشليم
وجميع اليهوديّة
وفي السّامرة
وإلى أقصى الأرض
"(أع١ ٨).
كما
ورد مراراً في
الإنجيل، يتوجّه
يسوع هنا خصوصاً
إلى رسله
*
لا نستطيع الإعتبار
أنّ جميع عبارات
يسوع الموجّهة
إلى رسله والمنقولة
في الأناجيل
تخصّنا نحن
جميعاً على نفس
منزلة الرّسل.
فمثلاً:
" من
سمع منكم قد
سمعني" (لو١٠ ١٦)
أو
أيضاً مؤسسة
الإفخارستيّا :
" إصنعوا
هذا لذكري " (لو٢٢ ١٩).
.
لهذا
أيجب إستنتاج
خلاصة أنّ بعض
عبارات يسوع
هي غريبة كليّاً
والسّبب أنّها
موجّهة إلى
الرّسل.
ومن
الخطأ أن نتقبّلها
كما لو كنّا
رسلاً مدعوّين
من المسيح ومن
الكنيسة.
رغم
أنّ، من خلال
الرّسل، هي
تتوجّه لكلّ
غرد منّا.
وماذا
يقول لنا؟ يقول
لنا أنّ من خلال
قوّة الرّوح
القدس، نحن
شهودأً نشيطون
لمهمّته بين
البشر.
إنّ
النّشاط الرّسولي
الذي نحن مدعوين
له منتشر في كلّ
أماكن الأرض.
أوّلاً
في المدينة أو
القرية التي
نتواجد فيها.
بالنّسبة
لفرنسيس، محطّته
الآولى كانت
أسّيزي، مدينته
الخأصّة.
هذا
القرب الذي
سمّاه يسوه
متحدّثاً عن
أورشليم.
ثمّ
في منطقته الخاصّة،
اليهوديّة
للرّسل، الأومبري
لفرنسيس ومقاطعة
كلّواحد منّا.
تمّ
قرب المنطقة،
السّامرية
وأخيراً حتّى
أقاصي الأرض،
قليلاً مثل موجة
محدثة بواسطة
حجر مرميّ في
ماء النّهر.
لا
يُعطينا البند٦
من قاعدتنا
تعليمات عن
كيفية إستعمال
الوسائل التّطبيقيّة
لنكون مرسلين.
بخصوص
هذا الموضوع،
يتكلّم بالأحرى
عن الإبداعيّة
الرّسوليّة،
التي تعني أنّ
المَهمّة لآ
تنحصر في طريقة
أو في لوجستيّة
مكتوبة ورسميّة
بل يعود إلى كلّ
فرد منّا بإحيائها.
ولكن
إذا لم تكن الوسيلة
التّطبيقية
محدّدة، فكيف
نكون إذاً مرسلين؟
كيف نكون مرسلين؟
إنّ القوّة الرّسولية لا تأتي من قوّتنا الخاصّة بل من إستسلام تامّ لله. يجب العيش في عالم مخطّط من الله.
لنتذكّر جواب فرنسيس للحبر الأعظم عندما أبدى له ملاحظة أنّ " نوعية حياته شاقة وصعبة ". أجاب فرنسيس : "أضعُ نفسي في تصرّف السّيّد المسيح..." وعندما عاد فرنسيس للمرّة الثّانية حيث روى قصّة المرأة الفقيرة ولكن الجميلة، كان ختامه على الشّكل التّالي : ألإستسلام لعطف الخالق الذي يسطع شمسه على الأشرار والصّالحين ويمطر على الأبرار والظّالمين. إذاً ليس من حقّنا أن نضعَ حدّاً لروح القدس الذي ينفث في قلوبنا لنشر مملكة يسوع على الأرض. ولا نعتبر أنّ المَهمّة مخصّصة لنخبة ثقافيّة. هل سنكون مستبعدين أو أكثر، معفين كوننا مرسلين لسبب أنّنا لم نُنجزدراسات عليا ولامعة؟ عندما يتوجّه يسوع إلى رسله وتلاميذه ويقول لهم " أنتم ملح الأرض، أنتم نور العالم "، فهو يتحدّث إلى جميع الموجودين أشخاصاً أغنياء وأقلّ غنى، بمعنى ثقافي طبعاً. من جهة أخرى، ألم يكن البابا الأوّل الذي اختاره صيّاداً بمهنته؟ لنستسلم إلى الله في حياتنا اليوميّة. لنعش في عالم حسب مخطّط الله، من خلال الكلمة، من خلال الأفعال وخاصّة من خلال الإتّحاد. عندها نُصبحُ مرسلين.
من خلال الكلمة
" في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله. كلّ به كون وبغيره لم يكون شيء مما كُوّن. فيه كانت الحياة والحياة كانت نور النّاس. والنّور يُضيء في الظّلمة والظّلمة لم تُدركه"(يو١ - ٥). هذه المقدّمة من إنجيل القدّيس يوحنّا تُظهرُ لنا أنّ الكلمة ليس بصفة إلآهيّة بل هو الله. إنّ مَهمّة المسيح على الأرض عبّرت من خلال كلمته، كلمة الحياة كما يُذكّرنا سمعان بطرس : " يا ربّ إلى من نذهب؟ إنّ كلام الحياة الأبديّة هي عندك * يو ٦ ٦٩. في نفس المعنى : " الحقّ الحقّ أقول لكم إنّ كان أحد يحفظُ كلامي فلن يرى الموت إلى الأبد ." يو ٨ ٥١. ". إنّ الكلمة هي إحدى خصائص الإنسان. فهي تُذكّره أنّه الوحيد الذي خُلقَ على صورة الله، مثل شيهه. تجعله يُعبّرُ عن فكرته، مشاعره، إيمانه بخلقه. لا توجد خليقة أخرى تستطيع أن تُعبّرَ بالكلمة. وأجمل الكلمات التي نستطيع قولها للتّعبير عن إيماننا هي نفسها التي نقلها لنا يسوع :
" أتحبّ
أن تبرأ؟"
(يو٥ ٦)
"و
لا أنا أيضاً
أحكمُ عليك.
اذهبي
ولا تعودي تخطئين.
" (يو٨ ١١ )
" يا
زكّا أسرع انزل
فاليوم ينبغي
لي أن أمكث في
بيتكَ." (لو١٩ ٥)
" أنتَ
اتبعني." (يو٢١ ٢٢)
تدعونا
قاعدتنا لنكون
شهوداً نشيطين
لمَهمّة يسوع
من خلال الكلمة.
لنكن
إذاً مرسلين
من خلال الكلمة.
لا
نستطيع أن نُقدّر
كم الكلمة تستطيع
أت تفعل الخير
لسامعيها أو،
بالعكس، أن تصنع
الشّرّ لأنّ
الإنسان يستخرجُ
كلمته من قلبه
*
"... لأنّها
من الثّمرة
تُعرَفُ الشّجرة .
يا
أولاد الأفاعي
كيف تقدرون أن
تتكلّموا بالصّالحات
وأنتم أشرار
وإنّما
يتكلّم
الفم من فضل ما
في القلب .
الرّجل
الصّالح من
كنزه الصّالح
يُخرجُ الصّالحات
والرّجل الشّرير
من كنزه الشّرير
يُخرجُ الشّرور ...
لأنّك
من كلامكَ تتبّرأ
ومن كلامكَ
يُحكَمُ عليكَ ." متى ١٢
٣٤ - ٣٧ .
.
وبمجرّد
الكلام هو نسبيّاً
عمل سهل.
إذا
حلّلنا الشّيء
جيّداً، فالكلمة
" تُكلّف
" جهدأً
أقلّ من الخدمة
المردودة.
هي
مشابهة للملح
الذي نضعه في
الطّعام.
لا
يُشكّلُ الملح
إلاّ جزءاً
صغيراً من المجموع،
ومع هذا إنّ هذا
الجزء الصّغير
الذي يُعطي
النّكهة الكاملة.
كذلك
بالنّسبة للكلمة.
ألا
تُغذّي بعض
الكلمات الملفوظة
من قبل الزّوجين
في حياتهما
الزّوجيّة أكثر
من طعام مبتلع؟
يغذّي لذالطّعام
الجسد لكنّ
كلمات المحبّ،
هي، تُشبعُ
القلب.
إنّ الكلمة هي إحدى درجات المَهمّة ولكنّها ليست الوحيدة. بالفعل، لإستطاعة نقل الكلمة، يجب معرفتها، إختبارها. بدون هذه الخبرة، تفقد الكلمة من أهمّية طعمها للذي يتلقّاها. يجب أن تترافق الكلمة الرسوليّة بشيء صغير يُدعى... ألأفعال.
من خلال الأفعال
في كلمة " فعل "، نخمن جميعاً وجود كلمة " عمل ص. كلتيهما تجدان أصولهما الإشتقاقي في الفعل اللاتيني : الذي يعني "عمل، تصرّف". « agere »
إذاً، لكي نُعطي للكلمة كلّ قوّتها، من الذي يُلقيها، يجب أن تترافق بأفعال واقعيّة، مرئيّة. إنّ عدم وجود الأفعال يُقلّل من إعتبار الكلمة، لا بل يُلغيها كلّيّاً. لا يكفّ العهد القديم بتذكيرنا:
" ليس
كلّ من يقول لي
يا ربّ يا ربّ
يدخلُ ملكوت
السّماوات لكنّ
الذي يعمل إرادة
أبي الذي في
السّماوات
"(متى١٧ ٢١).
" إنّ
الكَتَبَة
والفرّيسيّين
جالسون على كرسي
موسى فمهما
قالوا لكم فاحفظوه
واعملوا به
وأمّا مثل أعمالهم
فلا تعملوا لأنّهم
يقولون ولا
يفعلون
*
متى٢٣
٢ - ٣ .
" العمل بما يقولون "
بما
أنّهم ينقلون
العقيدة التّقليديّة
المستمدّة من
موسى .
هذه
الدّعوة لا
تُلزم أقوالهم
الخاصّة، التي
أظهرها يسوع
فضلاً عن ذلك
ما يجب تفكيره ( متى ١٥
١ - ٢٠ ، ١٦ ٦ ، ١٩ ٣ - ٩ ).
".
" أنتَ
تؤمنأنّ الله
واحد. حسن
والشّياطين
أيضاً يؤمنون
ويرتعدون.
هل
تحب أن تعلم
أيّها الإنسان
الباطل ألرّأي
أنّ الإيمان
بغير اللأعمال
ميت ؟ "(يع٢ ١٩).
إذا
استرجعنا صورة
الحياة الزّوجيّة،
فكلمات "
أُحبّكَ
" لا
تكفي بحدّ ذاتها.
ألا
يجب أن تترافق
بين الزّوجين
بالمساعدة
المتبادلة التي
تُميّز بالظّبط
هذا الحبّ الزّوجي؟
لنتخيّل واحداً
من الزّوجين
يُعلن عن خدمته
للآخر ولكن لا
يساعده أبداً
في أعمال البيت
الزّوجي(إلاّ
إذا كان هناك
من عائق جسديّ).
فأيّ
صدى لكلمات "
أحبّكَ
"تستطيع
أن تثير عند
الزّوج الآخر؟
لنعيد جملة
القدّيس يوحنّا
المذكورة آعلاه
ولنستبدل،
للمناسبة، كلمة
" إيمان
" بكلمة
"حبّ
" : أظهر
لي حبّكَ بدون
الأفعال ؛ أنا،
سأُظهرُ لك حبّي
من خلال أعمالي.
إنّ إعلان المسيح لا يستثني هذا الواقع : يجب على الإعلان أن يظهر، ليس فقط من خلال الكلمة بل خاصّة من خلال الأعمال. " هذا بالتّحديد ما الذي سيكتشفه المعاصرون في فرنسيس. رجل الله هذا ليس أعلى منهم. كان يظهر بين الخطأة كواحد منهم. كان حقّاً صديقهم. وفي هذه الصّداقة، فهم الأشخاص الأقلّ احتراماً، كما أيضاً المبعدين، أنّ الله تقرّب منهم : لاأحد مستبعد. وفجأةً، تأكّدوا أنّهم محبوبين من الله، ومتصالحين معه، بقدر ما كانوا تعساء. ومن أجل هؤلاء النّاس المتأثّرين بهذه الرّؤيا، أستطاع فرنسيس القول: " لقد سامحكم، إفعلوا بالمثل. إستقبلوا الواحد والآخر كما هو استقبلكم. * desclée de brouwer 1986, le retour à l'evangile , eloi leclerc,p.102. ""
إنّ إنجيل الحكم الأخير يُترّجمُ بطريقة قويّة قيمة هذه الأعمال. فالّذين تكلّموا لن يحصلوا على الملكوت بل الذين فعلوا : " تعالوا، يا مباركي أبي، إرثوا الملك المُعدّ لكم منذ إنشاء العالم. لأنّي جُعتُ فأطعمتموني وعطشتُ فسقيتموني ... حينئذ يُجيبه الصّدّيقون قائلين : يا ربّ متى رأيناكَ جائعاً فأطعمناكَ أو عطشاناً فسقيناكَ... فيُجيبُ الملك ويقولَ لهم : الحقّ الحقّ أقول لكم، إنّكم كلّما فعلتم ذلكَ بأحد إخوتي هؤلاء الصّغار، فبي فعلتموه "(متى٢٥ ٢٤-٤٠). في الحقيقة، يوجدُ طريقة ثالثة لشهادة الله. وهذه الأخيرة هي الأهمّ من بين الثّلاث..
من خلال الإتّحاد
نستطيع أن نقول أو أن نفعل، لكنّ النّيّة الدّاخليّة المكوّنة في الكلمة أو في العمل المُنجَز يأخُذُ، في أعين خالقنا، أهمّيّة أولويّة. لنتذكّر تقدمات قاين وهابيل(تك٤ ١-١٦) : كليهما قدّما تقدات للرّبّ. " فنظر الرّبّ إلى هابيل وتقدمته. وإلى قاين وتقدمته لم ينظر ". إنّ تتمّة القصّة تدعنا نفكّرُ بوضوح أنّ المحبّة عديمة في تقدمة قاين. فهذا الأخير لم يُنجزسوى تقدمة عادية. " فقال الرّبّ لقاين : لمَ شقّ عليكَ ولمَ سَقَطَ وجهكَ؟ ألا إنّكَ إن أحسنتَ تنال وإن لم تُحسن فعند الباب خطيئة رابضة وإليكَ انقياد أشواقها وأنتَ تسودُ عليها ؟ " ويُذكّرنا القدّيس بولس بشدّة ضرورة الإحسان في إنجاز عمل : " لو كنتُ أنطقُ بألسنة النّاس والملائكة ولم تكن في المحبّة * على عكس الحب العاطفي والأناني، إنّ الإحسان (أغابي) هو محبّة مودّة تريد الخير للآخر. مصدره من الله الذي أحبّ في البدء، ووهبنا ابنه ليتصالح مع الخطأة، ويجعل منهم النّخبّة، وأبناء. مسند أوّلاً إلى الله الآب، هذه المحبّة التي هي طبيعة الله نفسها، توجد أيضاً في الابن، الذي يحبّ الآب كما هو محبوباً، وكما هو يحبّ البشر، الذي من أجلهم سلّم روحه. أخيراً، هو محبّة الروح القدس، الذي ينتشر في قلوب المسيحيين، ويعطيهم بإنجاز أخيراً هذه الوصيّة الضّروريّة من الشّريعة التي هي محبّة الله والقريب. إذ محبّة الإخوة، وحتّى الأعداء، هي التّكملة الضّروريّة والبرهان الحقيقي لمحبّة الله، الوصيّة الجديدة التي أعطاها يسوع، ولم يكفّ تلاميذه بتعليمها. من أجل هذا يحب بولس أفراده كما هم يحبّونه. هذا الإحسان، المبني على أساس الإخلاص والتواضع، النّسيان وهبة النّفس، الخدمة، والتّعاون المتبادل، يجب أن يُبرَن بالأفعال والحفاظ على وصايا الله ، التي تجعل من الشّريعة فعلية. هو وصل الكمال ويمحي الخطايا. متكئين على محبّة الله، لا يخشى شيئاً. ممارسون في الحقيقة، يعطي معنى العبرة الحقيقي، ويفتح الأنسان لمعرفة روحانيّة للسرّ الإلهي، لمحبّة المسيح الذي يفوق كلّ معرفة. مقيمة في روح المسيح، وكلّ الثّالوث، تغذّي حياة بالفضائل التّيلوجيّة حيث هي ملكة، لأنّها لن تمرّ بل تزدهر في الرّؤيا، عندما سيمنح الله الخيرات الموعودة بها للذين يحبّهم. éditions du cerf 1956, la bible de jérusalem, note a) sur le mot « charité » de l'épître aux corinthiens(extrait). فإنّما أنا نُحاس يطنّ أو صَنَج يَرنّ... ولو بذلتُ جميع أموالي لإطعام المساكين وأسلمتُ جسدي لأحرقَ ولم تكن في المحبّة فلا أنتفعُ شيئاً "(١ قو١٣ ١ – ١٣).
لنحفظ جيّداً بما يخصّ الرّسالة، "إلاّ أنّ المحبّة، المستقاة بنوع خاص من الإفخارستيّا، " هي بمثابة الرّوح لكلّ رسالة * ت م ك ك٨٦٤.."
لنعيد مثلنا حول الحياة الزّوجيّة، ولكن هذه المرّة بدمجنا ثمار هذا الحبّ، يعني الأولاد. لتوازن وانشراح الصّغار، فإنّ علامات العطف والحنان المعطيين للأولاد يُشكّلان " أحبّكَ " لأجلهم. والعنايات الماديّة المؤمّنة لهم(طعام، ملبس، ...) تلمس المحبّة المُكنّة لهم. مع ذلك، كلّ هذا لا يُحدثُ إلاّ أثراً على توازن الولد وانفتاحه إذا لم يشعر بين الوالدين إتّحاداً، وحبّاً متبادلاً متألّقاً. بطن ملآن، ثياباً دافئة ونظيفة وحتّى العطف الزّائد المُظهرللولد لا يستكيع أن يُعوّضَ هذه الحاجة الضّروريّة للوحدة الزّوجيّة.
نجدُ في كلمة" مشاركة " كلمة " شاركَ ". إذاً، إنّ هذه المشاركة بين المسيحيين، تُعبّر بشكل أفضل للعالم عن إيمانهم بيسوع المسيح. إذا لم تكن وحدها، بما أنّ هناك الكلمة وألأعمال، فالإتّحاد بين المسيحيين يبقى أفضل شاهد، الطّريقة الرّسوليّة الأقوى. " أحبّوا بعضكم البعض! " المحبّة، ايضاً المحبّة، دائماً المحبّة. أجل! إنّ هذه المحبّة المتبادلة التي يدعونا إليها يسوع بإلحاح، هي التي تشهدَ أفضل الله المحبّة والحقّ.
سنختم هذا الفصل بنقلنا الكلمات الأخيرة ليسوع المسيح ليلة خميس الأسرار. هذه السّهرة التي أمضاها مع رسله هي بحدّ ذاتها قويّة وكثيفة بغير نظير. في سياق هذه السّهرة، أنشأ المخلّص الإفخارستيّا. وفي سياق هذا الطّعام أعلن لرسله أنّه سيتركهم. وفي سياق هذا الطّعام أعلمهم أنّه سيرسل لهم الرّوح القدس. وفي سياق هذا الطّعام ودّعهم. تمامأص في آخر الوجبة، عندما سيبدأ احتضاره، وجّه يسوع إلى أباه صلاة تقدمة وتشفّع. دون أن نثخفقَ بالإحترام، نستطيع أن نعتبر إلحاح يسوع بالصّلاة لأبيه لوحدة المسيحيين إلى إلحاح آخر. وهو إلحاح رجل صالح يستطيع أن يوجّهه إلى خليفته التي تُحيط به قبل أن يلفظَ نفسه الأخير. يتكلّم الصّالح مع أبنائه، مع بناته، صهَره وكنّاته، مع أحفاده وأبناء أحفاده. في هذا الكوت الدّيني الذي يُحيط السّرير في لحظة الوداع الأخير، يقول الصّالح ما يراه ضروريّاً. وطالما أنّ النّفس يدوم، يُردّد يُلحّ على آخر تمنّياته. لنسمع يسوع يكلّمنا في الصّلاة الموجّهة لأبيه :
" أيّها الآب القدّوس، احفظ باسمكَ الذين أعطيتهم لي ليكونوا واحداً كما نحن واحد "(يو١٧ ١١)... " لستُ أسأل من أجل هؤلاء فقط بل أيضاً من أجل الذين يؤمنون بي عن كلامهم. ليكونوا بأجمعهم واحداً كما أنّكَ أنتَ أيّها الآب فيّ وأنا فيكَ ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا حتّى يؤمنَ العالم أنّكَ انتَ من أرسلتني. وأنا قد أعطيتُ لهم المجد الذي أعطيته ليَ ليكونوا واحداً كما نحن واحد. أنا فيهم وأنتَ فيّ ليكونوا مكمّلين في الوحدة حتّى يعلم العالم أنّكَ أرسلتني وأنّكَ أحببتهم كما أحببتني "(يو١٧ ٢٠ – ٢٣).
أسئلة
أسئلةعن فحص المعارف
١) هل
بإمكاني ذكر
هدف مهمّة المسيح
على الأرض ؟
٢) كتب
فرنسيس في وصيّته
أنّ رغم اضطّهاد
الكهنة له، فهو
يريدهم كمرجع
له. كيف
يبرهن فرنسيس
هذه الثّقة التي
ليس لها حدود
؟
٣) ما
هو سرّ القوّة
المشّرة ؟ وما
هي أشكال الشّهادات
الثّلاث المرسليّة
التي كلّ منّا
مدعو إليها ؟
أسئلة تعمّق
١) في
احتفال عمادة
طفل، ما هي العلامة
التي تبرز أكثر
؟ ما هو رأيك
بعمادة الصّغار
؟ ما هو رأي محيطنا
؟
٢) ما
هي الوسائل
الفعليّة التي
أعمل من خلالها
لأكون في اتّصال
نشيط مع البابا،
المطارنة والكهنة
؟ هل يجب القبول
بأن أرضى بالقيام
بجهود لعيش هذا
الاتّصال بشكل
أعمق ؟
٣) تدعونا
القاعدة لتجديد
الكنيسة وفق
وحي القدّيس
فرنسيس.
ما
هو المقطع(
المقاطع)
عن
حياة فرنسيس
الذي( التي)
يساعدنا(تساعدنا)
أكثر
لتجديد الكنيسة
؟ مطعّم تحت
الغصن الفرنسسكاني،
هل بإمكاني أن
أشهد، بكلّ
بساطة، عن أعمال
واقعيّة منجزة
أو عن تحوّلات
داخليّة أحدثها
موقف السّرع
هذا في نفسي ؟