الفصل الأول :انظر، إيمانك قد خلصك
- بالكامل (2.01 Mo)
- جزء 1 (1011 Ko)
- جزء 2 (340 Ko)
- جزء 3 (827 Ko)
سنباشر تكويننا مع...البدء. هل سنقول أن المقدمة هي من السيد لا باليس؟ أبدا! ولكن إذا يسوع، في تنبّئه ،رجع إلى البدء ،سنطرح السؤال :
ما هو البدء؟
سنحاول الرّد على هذا السؤال، منذ الأسطر الأولى من هذا الفصل الأوّل. وبذلك، سنصل إلى إكتشاف مفتاح كلّ وحي...
سنركب آلة الزمن لنسافر عبر القرون لإكتشاف الزّمن الذي عاش فيه يسوع على الأرض. سنتعرّف أيضا على بعض الأشخاص التي سنقابلها في الإنجيل.
ثم سننتقل إاى زمن القديس فرنسيس الأسيزي لإكتشاف وإدراك كم كان عهده مضطربا و مشوّقاً،سنتحدث عن فرنسيس وعن عمّا يمكن أن نسميه "إهتدائه".
أخيرا،،وبما أننا سننضم إلى الرّهبنة الفرنسسكانية العلمانية، سنطرح ببساطة سؤالا: ما هي الرّهبنة الفرنسسكانية العلمانية؟
- 0
ما هو البدء
الكيف واللماذا؟
يحاول علماءنا معرفة كيف ظهر الإنسان على الأرض... بالفعل، بفضل أعمالهم وإكتشافاتهم، المرتبطة بالعقل السليم،تمكنا من التأكد أن ظهور الإنسان جاء بعد "ولادة" الأرض بحد ذاتها. عل الصّعيد العلمي،لربما تمكنا يوماً من معرفة المزيد عن بداية البشرية.ولكن من المؤكد،وهذا سيصعب للعلم لربّما
شرحه،لأنّه خارج عن نطاق إختصاصه؛ هذا الشّيء، هو "لماذا" وجود كلّ شيء،خاصة وجود الإنسان. لنأخذ مثالا لفهم هذه الفكرة بشكل أفضل؛ لنتخيّل أنّ بعد وقوع كارثة (إنفجار مصنع نووي مثلا) ،جاء العلماء يزورون منزلا للسّكن، مهجوراً بكامله من أصحابه، قريباً من مكان الكارثة. فوجدوا على طاولة المطبخ، قالب حلوى (تركه المنكوبون على عجل).أخذ العلماء قالب الحلوى لتحليله. وبواسطة طرقهم العلمية،إكتشفوا كيفية تم صنع هذا القالب (كمية الطحين، كمية البيض،نوع الطحين،...). بهذه الطريقة، هم يتقدمون في مادة الفيزياء.ولكن الشّيء الذي ولن يستطيعون تفسيره، علميا، هو سبب صنع هذا القالب، فهذا ليس من إختصاصهم العلمي. فالقالب قد حُضّر لأن الأم تحب ولدها من قلبها ولمناسبة عيد ميلاده الخمس، ولإظهار حبها له،حضرت له قالب الحلوى هذا.
إذا لا يجب أبدا مزج إكتشافات العلماء المتعلقة ببداية الإنسانية مع الفصول الأولى من سفر التكوين. يحاول كل فرد الإجابة التي هي من ضمن إختصاصه. الأول يبحث عن شرح الكيف؛ الثاني يشرح اللماذا.
الفصلين الأولين من سفر التكوين يرويان لنا بداية العالم وأساس البشرية. ففي هذين الفصلين،يشرح كاتب سفر التكوين " كيفية حصول كل هذا"، بطريقة ملحمية: العالم خلق في سبعة أيام (أو ستة إذا أردنا الدقة أكثر ).وخلآفا لهذا ،هذه الفصول تجيب على السؤال لماذا وجود الإنسان؟ بالحقيقة،الجواب على اللماذا هو ثلاثي: الأول متعلق بأصل الإنسان،الثاني يتعلق بفعله على الأرض، والثالث يتعلق بهدفه على الأرض. ولكن لن نتسرع، ولنقف بضع لحظات على بعض المؤشرات التي ستساعدنا على فهم اللماذا .
قبل وجود إبراهيم ،أنا، كنت
" في البدء،خلق الله". كلمة بدء هذه تستعمل في عدة أساليب: عندما نقول أنّ الله هو" الألفا والأوميغا، البداية والنهاية "... ،هذا يعني ان الله هو تبرير كل ما يوجد، من البداية حتى النهاية، ولكن هو، أي الله ،ليس له لابداية ولانهاية. بخلاف ذلك، الخليقة ، ما نعلم من خلال الرؤيا، كان لها بداية؛ وهذه البداية هي من ضمن الزمان؛ حتى اننا لا نستطيع أن نتحدث عن " قبل البدء".فهذ ا" القبل " لا يوجد، ولم يجد قطعا.
نحن نؤمن (هكذا كتب في كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليية) ، أن الله ليس بحاجة إلى شيء سابق الوجود، ولا إلى عون لكي يخلق. والخلق ذلك ليس انبثاقا حتميا من جوهر الله . الله يخلق خلقا حرا "من العدم" (ت م ك ك٢٩٦) في اللاتينية: دو نيهيلو الذي يعني من اللا شيء، من العدم). ويذكر كتاب التعليم المسيحي عينه، بعد هذه الصياغة الرسمية، بضعة أسطر من تيوفيلوس الأنطاكي:" هل يكون الأمر عجيبا لو أخرج الله العالم من مادة موجودة؟ عندما يعطى صانع بشري مادة ما فإنه يصنع بها ما يشاء. أما قدرة الله فإنها تظهر بوضوح عندما ينطلق من العدم لكي يصنع كل ما يريد".
إذا لقد سحب العالم من العدم من قبل الله؛ هذا لا يعني أن العدم هو شيء وجد قبل العالم؛ بالعكس فهذا يعني أن لا وجود لمادة ما، وجدت قبلا، استطاع الله بها أن يخلق، أو أن يصنع العالم، "الفعل" و"الخلق" هما كلمتين مختلفتا المعنى كلّيا. فالبشر يستطيع أن "يفعل"، يستطيع أن"يصنع"؛ الله وحده "يخلق".
في البدء، خلق الله
في البدء، خلق الله السموات والأرض. وانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلام، وروح الله يرف على وجه المياه. وقال الله: " ليكن نور فكان نور... وكان مساء وكان صباح: يوم واحد.
وقال الله": ليكن جلد في وسط المياه ولين فاصلا بين مياه ومياه فكان ذلك... وكان مساء وكان صباح: يوم ثان.
وقال الله: " لتجتمع المياه التي تحت السماء إلى موضع واحد وليظهر اليبس وكان ذلك...لتنبت الأرض نباتا عشبا يبرز بزرا وشجرا مثمرا يخرج ثمرا بحسب صنفه بزره فيه على الأرض فكان ذلك... وكان مساء وكان صباح: يوم ثالث.
وقال الله: " لتكن نيرات في جلد السماء لتفصل بين النهار و الليل وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين وتكون نيرات في جلد السماء لتضيء على الأرض فكان ذلك... وكان مساء وكان صباح: يوم رابع.
وقال الله: " لتفض المياه زحافات ذات أنفس حية وطيورا تطير فوق الأرض على وجه جلد السماء وكان ذلك... وباركها الله قائلا:انمي وأكثري واملإي المياه في البحار وليكثر الطير على الأرض. وكان مساء وكان صباح: يوم خامس.
وقال الله: " لتخرج من الأرض ذوات أنفس حية بحسب أصنافها بهائم ودبابات ووحوش أرض بحسب أصنافها وكان ذلك. وقال الله: " لنصنع الإنسان على صورتنا، مثالنا، وليتسلط على سمك البحر، وطير السماء،والبهائم، وجميع الأرض وكل الدبابات الدابة على الأرض. " فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه، ذكرا وانثى خلقهم. ... فكان ذلك. ورأى الله جميع ما صنعه: فإذا هو حسن جدا. وكان مساء وكان صباح: يوم سادس.
قأكملت السموات والأرض، وجميع جيشها. وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل، واستراح، في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الله اليوم السابع وقدسه. هذه مبادئ السموات والأرض، إذ خلقت يوم صنع الرب الإله الأرض والسموات. * تك ١ ١إلى ٢ ٤ (مستخرجات).
الله محبة خلقنا بمحبة،خلقنا ليحبنا
نقرأ في إنجيل بالّلغة الفرنسيّة، في آخر الفصل الأول من الخليقة:
الله خلق الإنسان على صورته،
على صورة الله خلقه؛
ذكراوأنثى خلقهم.
إذا نظرنا إلى كلمة "إنسان" في الأسطر الثلاثة التي تسبق، لربما ظننا أن الرجل فقط هو على صورة الله وليس المرأة! ولكن هذا خطأ. فالنّص الأصلي (العبري ) لا يذكر الكلمة نفسها في الموضوعين عينهما؛ ففي النص "الله خلق الإنسان على صورته"، يستعمل العبري كلمة "آدم" التي تعني "الإنسان" نسبة "للكائن البشري"، أكان ذكراً أم أنثى. أما بالنسبة للترجمة الفرنسية "رجلا وإمرأة خلقهما"،فهي ليست خطا ولكن النص الأصلي (العبري) يجب أن يترجم بدقة أكثرعلى هذا الشكل ذكراً وأنثى خلقهم".
نحن، رجل وإمراة، خلقنا على صورة الله؛ ولكن علينا أن لا نأخذ بعين الإعتبار هذه الصورة من الجانب البيولوجي ، بل من الجانب الروحي. فإذا وجدنا عند الإنسان شبها من الله من خلال الصورة، فهذا الشبه نابع من ذاته الروحي. فلنطرح إذا السؤال لمعرفة ما هي هذه الصفة الآهية التي تجعل ،أن من بين كل الخليقة، فقط الرجل والمرأة خلقا على صورة الله؟ ستجد الجواب في الصفحة التالية. وسترى أنه متداول بكل اللغات.
١ يو ٤ ٨ و ١٦ * عندما يُرسل الله،بحلول ملء الأزمنة، ابنه الوحيد وروح محبّته يكشف عن أخصّ سرّ له :إنّه هو نفسه أبداً تبادل محبّة :آب وابن وروح قدس، وقد قدّر لنا أن نكون شركاء فيه ت م ك ك٢٢١.
نعم، الله محبة. وهذا سبب وجودنا: بدافع الحب الآبدي للإله الخالق. فالمحبة، بحاجة أن تعطى وحدها. ألم نرى رجلا وإمرأة يتزوجان ويرغبان بإنجاب ولد؟ لا! المحبة تخصب، المحبة تتضاعف،المحبة تغيّر.
والعمل الإلهي لا يفسر إلا بالخالق الذي هو الطيب الآبدي.هذه الحقيقة ،الطيبة الإلهية الآبدية ،هي مفتاح الفهم أو الإدراك لكل وجودك، لوجودك الخاص، و المبرر الأساسي لوجودك.فهي تفسر الخليقة. ولكن أولا، هي حقيقة تعرف الله، حقيقة تصل إلى أعماق الله. لذلك في قمّة الرؤيا يعطي الإنجيلي القديس يوحنا هذه التعرفة من الله، المفتاح الحقيقي لكل رؤيا: الله محبة.
المعرفة عن هوية الله تساعدنا على فهم هذه الحقاق المكشوفة: الله خلقنا بمحبة. الله خلقنا لنحب. إذا فهمنا هذا، فكم من الاشياء ستتوضح: الله (المحبة) ،خلق الإنسان على صورته (المحبة) ، على صورة الله خلقه (المحبة) ، ذكر وأنثى خلقهم (المحبة). لا وجود للبيولوجيا في كل هذا، ولكن سبب وجودنا. عندما طرح على يسوع السؤال: ما هي أكبر الوصايا؟، أجاب: ستحب إلهك من كل قلبك، من كل نفسك ومن كل ذهنك؛ هذه هي الوصية العظمى والأولى.الوصية الثانية تشبهها: أحب قريبك كنفسك . بهاتين الوصيتين يتعلق كل الناموس والأنبياء. * متى ٢٢ ٣٦ ٤٠ لنذكر في المقطع أن إذا يسوع قال لنا أن الوصية الثانية هي مشابهة للأولى، فهذا لا يعني أنّ الوصية الأولى يمكن أن وصيتان وليس واحدة. ولكن دون مساواة بين الله و قريبه.فكلّ شيء يأتي من الله ويعود إليه.ولكن هاتان الوصيتان عن المحبة هما مختلفتان: الأولى تؤكد الهدف والثانية تعطي الوسائل المميزة للوصول إليها. في الحالتين، المقصود هو المحبة.
قصة محبة
إذا وجودنا هو أولا قصة محبة مع الذي خلقنا ومع أمثالنا.
في حديقة عدن،منح يهوه الله آدم وحواء بكل محبة ما يحتاجان للحياة الطبيعية والحياة الفوطبيعية ، بمعنى لجسدهما ولروحهما.وبالمقابل أمر الرّب الآله آدم وحواء شيئا واحدا،وهو بمثابة دليل حبهما له: الطاعة لهذه الوصية: من جميع شجر الجنة تاكل .وإما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها،فإنك يوم تاكل منها، تموت موتا * تك ٢ ١٦-١٧
في عدن، ليس هناك تضحية، لاتقدمة ولا ضحية لإرضاء الله.فقط دليل بسيط من المحبة. التكملة، تعرفها.الدليل الوحيد للمحبة المطلوبة من الإنسان لم تنجز.فالإنسان أدار قلبه من خالقه و قاده لجهة أخرى، ومع هذا سلك دربا سيئا ، درب الكذب والموت.
الله يبحث عن الإنسان
منذ ذلك التاريخ،لم يكف الرّب الإله عن المناداة: أين أنت؟ًًَّ (تك٣ ٩) لأن الله،هو، لم يكف أبدا عن حبنا. لنلاحظ في الفصل أن الكلمات أين أنت؟ هما أولى الكلمات التي وجهها الله بعد الخطيئةهذه الكلمات تفتح تاريخ العلاقات بين الله والإنسان الخاطئ.وها هو الموجز: أكان على صعيد الحياة الجماعية للبشر أو على صعيد الوجود الشخصي لكل فرد، فالعلاقات بين الله والإنسان أعادت إلى إلتماس مثابر من قبل الله في سيبل إعادة الحوار: فنادى الرب الإله آدم و قال له أين أنت؟ أنتَ الذي يقرأ هذه الأسطر،لاتنسى أبدا أن كلّ لحظة من وجودك، خاصة تلك اللحظات التي تظن أنك بعيد عنه،ٲن الله يبحث عنك، الإنسان، الخليقة التي خلقت على صورته و شبهه.كل البشر أعزاء عليه لأن فيهم الصورة و الشبه للآب الأبدي والروح الخالدة التي هو خلقها.الرّب هو المستجد الأكبر ويطلب منك الوحدة الأكثر ثمنا: روحك.هو يناديك. هو يدعوك.يريد كل الخير لروحك لأنه يحبك.هو يبحث عنك، ولكن أنت يجب ان تساعده مع الآخرين. لنشبع مجاعة قلبه الذي يبحث عن المحبة والذي لا يجدها إلا عند القليل من البشر.لأن الذين لا يصبون إلى الكمال هم بالنسبة إليه مثل الخبز المرفوع من جوعه الروحي. لنعطي روحنا لسيدنا،المحزون لعدم حبه وعدم فهمه.
منذ الأصل، دعى الله كل إنسان: آدم، أين أنت؟هذا البحث من الله، سيتحقق في تاريخ الخلاص الذي،بعدوعد المخلص،سيتابع مع دعوة إبراهيم سيظهر الله * إنّ التأكيد من وجود الله يمكن أن يكتسب من خلال تأمّل الخليقة. ولكن هذا التأكيد يصبح سهلاً من خلال الرؤيا للبشر و سيعقد معهم التحالف وسترى أن الله هوالذي يأخذ المبادرة دوماً.
التّحالف القديم
في تاريخ الخلاص، تحقّقت هذه الطّيبة المجّانيّة من الذي ندعوه الآن العهد القديم * ح إستُخرجَ حوالي مجموعة هذا المقطع عن العهد القديم من منشورات C.L.D.1981, la liturgie dans l’ancienne Alliance, Dom Robert Le Gall,p.25 à91. . فبعد الخطيئة الأصلية،،سيتابع الإنسان إبتعاده أكثر فأكثر عن الله.إثر كارثة طبيعية هزّت كل بلاد الشرق لأوسط،حاول الله أن يستعيد خليقته من خلال نوح، الرجل الصادق مع الله. إنها مناسبة لعقد عهد،الأول بعد الغلطة.عندما إنسحبت مياه الفيضان،إلتزم يهوه إحترام الدوائر الطبيعية. مع إبراهيم، يبدأ فعلا تاريخ الخلاص. فقصة دعوة إ براهيم هي موجزة. إنها تدل على مبادرة يهوه التي تدعو مخاطبه على ترك كل شيء لإطاعة صوته. إذا نظرنا عن قرب للكلمات المستعملة، فلا نستطيع إلا أن نقارنها من سفر التكوين ٢ ٢٤. فإ براهيم ملتزم لهجر بلاده،أهله وبيت أبيه،لإتمام إرادة يهوه الذي يظهر له..في آخر قصة الخليقة،إن الإنسان مدعو لترك أباه وأ مه،و الإرتباط بإ مرأته.العلاقة بين يهوه وإبراهيم هي قوية بطبيعتها مثل علاقة الزوجين بينهما. فإ براهيم لا يجادل:هو بعيد لرد العروضات الغامضة من قبل الذي وجهها إليه،هو يطيع،،بمعنى أنه يصغي ليتصرف. إذا إن إيمان إبراهيم جعل منه إبن الله، لأن بالإيمان نصبح إبن الله وخليفة إبراهيم. رأسا، صنع له يهوه وعدا، وهو بأن يصبح شعبا كبيرا: فورا،،بان العهد بالإهتمام لا من قبل شخص واحد بل من شعب كامل.
إنقضى الوقت ولكن الله يسهر على وعده.فخليقة البطارة خضعت في مصر..جهز الله رجلا ذو المهمة الكبيرة بأن يحضر له الشعب المختار بدلا من العهد..هذا الرجل هو موسى.فهو لا يوجد إلا بإختيار الله الذي خلصه من مياه النيل وترعرع في قصر فرعون.. وعندما قام موسى بقتل مصري دفاعا عن إخوته، فشل عندها وهرب إلى بلاد الماديان. إنتظره الله في الصحراء.دعاه إسمه وظهر له الآه إبراهيم،إسحاق ويعقوب. رأى الله الواعد عجز هؤلاء الناس الذين يدعوهم شعبه، "فنزل" ليخلصه بواسطة موسى. لن يخلص الشعب من العبودية إلا بواسطة الخدمة الآهية؛ فورا بلغ يهوه هذا الخبر لموسى
بدوره،لم يعط موسى إلا هذا السبب عند خروجه من مصر لخدمة يهوه ،حسب الصيغة التي ترجع واقع، بعد ل من الجروحات المحكومة لفرعون وبلاده:أطلق شعبي ليعبدوني في البرية.(خر ٧ ١٦ ؛ ٧ ٢٦ ٨ ١٦ ؛ ٩ ١ ؛ ٩ ١٣ ؛ ١٠ ٣ ؛ ١٠ ٧ ؛ ١٠ ١١ ١٠ ٢٦ ) . بعد التدخل الإلهي الرائع لشعبه، سيعقد العهد في الصحراء بين يهوه و شعبه. ولكن هذا العهد الغالي على قلب الله، سيطبع بخيانة الشعب الذي قد س العجل الذهبي.فعلى موسى أن يتضرع إلى الله لكي لا ينفي هذا الشعب ذو العقل المتصلب والإلتزام بشعب أثر طاعة لعمله المحب. منذ ذلك الحين، هناك نوعا من الإنتساخ يسيطر على العهد السينائي. فلن يكف الإنسان على إفساخ هذا العهد، مثل زوجة خائنة تخرق العهد المبرم في حفلة العرس.ولكن الله لا يتغير. فخطته ما زالت. إذا سيعقد الله عهدا جديدا وأبدياً * متى ٢٦ ٢٦-٢٩ ( الخميس ٦ والجمعة ٧نيسان من العام ٣٠ من العصر المسيحي) مع الإنسان.
ال تّحالف الجديد
تجسد المسيح
إن رغبة التصالح من قبل خالقنا هي قوية لدرجة أنه، ليبني ويختم هذه المصالحة بينه وبيننا، سيرسل إبنه الخاص،،بمعنا آخر:الله سيصبح إنسانا، سيتجسد.وهذا ما ندعوه تجسد المسيح * يظهرهذا العمل الّلا مثيل له (سرّالتّجسّد) محبّة الله الكبيرة لنا. فسرّ ألآم المسيح المخلّصة تكون الدّليل الأكبر الآخر عن محبّة الله لنا. . هذا التجسد،،نصرحه في ل قداس أحدي:لأجلنا نحن البشر ولأجل خلاصنا نزل من السماء تجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء وصار إنسانا. ولكن لماذا الكلمة صارت إنسانا؟ صارت الكلمة إنسانا لتخلصنا بالمصالحة مع الله:وإنما المحبة في هذا أننا لم نكن نحن أحببنا الله بل هو أحبنا فأرسل ابنه فارة عن خطايانا (١ يو٤ ١٠ ). الكلمة صارت جسدا لكي ندرك بهذا محبة الله: هكذا أحب الله العالم حتى أنه بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكين له الحياة الأبدية (يو ٣ >١٦ ). الكلمة صارت إنسانا لكي تكون مثالا للقداسة: أن يحب بعضكم بعضا ما أنا أحببتكم (يو١٥ ١٢). "الكلمة صارت إنسانا لكي يصيروا بها شرآء في الطبيعة الإلهية ( ٢ بط ١ ٤ ): لأن هذا هو السبب الذي به صارت الكلمة إ نسانا وإبن الله إبن الإنسان" * Saint Irénée. المعاهدة ضدّ البدعيين. 3,19,1. .
أعلن الله تجسد ابنه من قبل أول أبر الأنبياء،اسحاق (الذي عاش في القرن الثامن ق.م): "فلذلك يؤتيكم السيد نفسه آية ها إن العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل " (اش٧ ١٤).العذراء المتحدث عنها هي "مريم"، المسماة أيضا"مريم العذراء". لقد حبلت من الروح القدس * إن الروح القدس هو الأقنوم الثالث من الثالوث الأقدس:الآب، الإبن و الروح القدس. ومن خلال هذه الأبوة الالهية نؤكد أن يسوع هو ابن الله. اذا، فإن الآب يظهر لنا من يسوع المسيح، ابن الله، محبته للبشر من فعل الروح القدس. وولدت يسوع، "المسيح،ابن الله الحي" (متى ١٦ ١٦). "الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما؛ لأنه قد ولد لنا ولد ،أعطي لنا ابن، فصارت الرئاسة على تفيه، ودعي اسمه عجيبا مشيرا ،جبارا أبا،الأبد رئيس السلام (اش ٩ ١ و ٥). خلاص البشر في قوانيننا البشرية،إذا ارتكب احد جريمة،فإن عدالة البشر تدينه بعقوبة..يجب ان يدفع ثمن غلطته. وغالبا يُترجم هذا الدفع بسجن المذنب. ويضاف ايضا على هذا الثمن ضرورة التصرف الجيد حين وبعد سياق العقوبة. يجب ان يعوض بنظر المجتمع. وفي نهاية انجاز العقوبة والتعويض في نظر الجميع، يستعيد الإنسان حريته وحقوقه كمواطن حر. عندها نقول أنه دفع دينه تجاه المجتمع.
في حالة الخطيئة عند الإنسان، يعني ليس فقط الخطيئة الأصلية ولكن ايضا خطايانا نحن * لم تنس الكنيسة قط، في تعليم عقيدتها وفي شهادة قديسيها، ان الخطاة أنفسهم كانوا الأسباب والوسائل في كل ما عاناه الفادي الإلهي من مشاق. فانطلاقا من ان خطايانا تنال المسيح نفسه، لا تتردد الكنيسة في ان تعزو المسيحيين المسؤولية الأشد خطورة في عذاب يسوع، المسؤولية التي طالما أثقلوا بها اهل اليهود.ت م ك ك ٥٩٨. في احدى توصياته، لا يتردد فرنسيس الأسيزي من القول:فحتى الأبالسة لم يصلبوه،أما أنت،فبمشاركتهم،قد صلبته، وما زلت تصلبه، بتمتعك في الرذائل والخطايا .ت ٥ ٣. ، فالتكفير عن الغلطة تجاه الله سيكون عن يد السيد المسيح. فبطاعته المحبة للآب، سيحقق يسوع هذا التكفير حتى بموته على الصليب متمما بذلك المهمة المكفرة للخادم المتألم الذي يبرر للحشد مثقلا بذلك أغلاطهم. فموت المسيح هو في الوقت نفسه الذبيحة الفصحية التي تتمتم فداء البشر النهائي بالحمل الذي يرفع خطيئة العالم. ذلك، فموت المسيح هو ذبيحة العهد الجديد التي تعيد الإنسان الى الشراة مع الله و المصالة بينهما بالدم الذي يهدر للكثيرين لمغفرة الخطايا . * ت م ك ك ٦١٣
وهكذا صار الله انسانا! لربما ظننا ان هذا الحدث سيكون حدثا مهما بالطبل والمزمار أحد أفلام هوليوود الكبيرة. بإختصار فإن شيئا سيجبرنا للإيمان بالله مع انه يمكن ابطال حريه ايماننا ومحبتنا. فالأحداث (المعلنة قبل سبعة اجيال) انت عكس ذلك. فإذا ان يسوع المسيح، المسيح المنتظر. قد تلفظ بكلمات رائعة تغذي الروح وتنجز أعمالا غير مستنظرة (العجائب) ، فإنه ان فقيرا ومتواضعا. صار انسانا. حمل جميع خطايانا. صلب، غرز دمه ليعطينا الحياة. وبقيامته، إنتصر على الموت.
الإيمان، جواب الإنسان لله الذي يظهر وينذر نفسه له
"الإبتهاج لقلوب ملتمسي الله" (مز١٠٥ ؛٣).. إذا كان بإمكان الإنسان نسيان الله أو رفضه ،فإن الله، لا يفتأ يدعو كل إنسان إلى التماسه لكي يحيا ويبلغ السعادة..فها هو الهدف النهائي لوجودنا: العيش بسلام الله. إلا أن هذا الإلتماس يتطلب من الإنسان جهد عقله الكامل، واستقامة ارادته ، وقلبا مستقيما، ما يقتضي أيضا شهادة الآخرين الذين يعلمونه كيف يلتمس الله . * ت م ك ك ٣٠ فالإيمان هو جواب الإنسان لله الذي يظهر وينذر نفسه له. إبراهيم،أب كل المؤمنين،هو المثال لهذا الجواب، لهذه الطاعة * الطّاعة تعني الإستماع والتّصرّف. الطّاعة في الإيمان هي الخضوع للكلمة المسموعة لأنّ حقيقتها في كفالة الله الّذي هوالحقيقة ذاتها. في الإيمان. فعند سماع نداء الله، هجر إبراهيم بلاده دون أن يعلم إلى أين يذهب إلى بلاد سيرثها يوما؛ بالإيمان، عاش في الغربة والحج في أرض الميعاد؛ بالإيمان، حصلت ساره على النعمة بإنجاب ابن الوعد؛ وأخيرا بالإيمان، قدم إبراهيم ابنه الوحيد تضحية.ولكن إذا كان إبراهيم مثال الطاعة لله، فمريم العذراء هي الإنجاز الأكثر كمالا. فبالإيمان، استقبلت مريم البشارة والوعد من الملاك جبرائيل، معتقدة أنه ليس أمرغير ممكن لدى الله (لو١ ٣٧) ؛أعطته موافقتها:"ها أنا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك" (لو١ ٣٨) ؛ ألقت اليصابات عليها السلام" طوبى للتي آمنت لأنه سيتم ما قيل لها من قبل الرب" (لو١ ٤٥). بفضل هذا الإيمان، فكل الأجيال تعلنها طوباوية.
إنّ فرنسيس الأسّيزي هو رجل الباحث عن الله. يعي أنّه فقير، مسكين وخاطئ. في اليوم التّالي من اهتدائه، ساجداً أمام مصلوب القدّيس دميانوس،وجّه بكلّ تواضع هذه الصّلاة إلى العليّ : "أيها الإله السامي المجيد ،أنر ظلمات قلبي؛ أعطني إيمانا مستقيما، ورجاء ثابتا ومحبة املة ؛واحساسا وإدراكا، يا رب ،كي أتمم وصيتك المقدسة والحقة.آمين! * ص م إلى قارئ كتاب التّكوين هذا : ألا تعتقد أنّ في صلاتكَ اليوميّة إلى العليّ، بإمكانكَ أن توجّه له هذا الطّلب ؟... إذ ألم يقال : اطلبوا فتجدوا "
اليوم، وبدوري، فلأعي التّوجّه من خلال محبّة الله. فلأعي كيف أفتح له قلبي بكلّ تواضع حتّى يحتلّ كلّ المكان. فلا أشعر بأيّ خوف تجاهه، بل، بالعكس، أثق به بكلّ روحي. على مثال فرنسيس، ليصبح إيماني حيويّاً حتّى تفيض محبّة الله كلّ حياتي، جميع أعمالي وأفكاري. فلا أحبسنّ إذاً الله في عبادة يوميّة في إطار خارجي يكون الله غائباً، بل بالعكس، فليفيض كلّ حياتي الدّاخيّة وجميع علاقاتي مع مخلوقات الكون الأخرى.
بهذه الصلاة من فرنسيس سنختم المقدمة الفعلية من كتاب التكوين هذا. في سياق بعض هذه الصفحات اتضح ان الكلمات الأثر أهمية في مجموع هذا الكتاب هي:
الله محبة
إن تتمة كتاب التكوين هذا ستتكون في اجزاء لتوسيع هذه العبارات الثلاث. سننقل عدد لا بأس منه من مقاطع الإنجيل، إلى الزمن الذي صار الله انسانا. ولكن قبل ذر هذه المقاطع، من المستحب لي، وذلك لتذوق الإنجيل في واقعه التاريخي وأحيانا لفهم المعنى، أن أروي بإختصار الحياة في عهد يسوع. أما الجناح الثاني من هذا الفصل فسيقدم لنا بعضا من مجموعة الأشخاص التي تعرف عليها يسوع في سياق حياته العلنية.
في زمن يسوع الناصري
إن أول مجيء للمسيح يجد مكانه في وقت محدد في تاريخ الإنسان. ولكن لنبدأ بإكتشاف البلاد التي شهدت ولادته.
قليل من الجغرافيا
ولد السيد المسيح قبل ٢٠٠٠سنة في منطقة من العالم تدعى فلسطين. إذا نظرنا إلى خريطة العالم، يصعب علينا تمييز مكان فلسطين. فهي بلاد صغيرة على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، بطول ٢٠٠ كيلومترا وعرض من ٤٠إلى ٦٥ كيلومترا، وتتألف من عدة مقاطعات أهمها: اليهودية ،الجليل والسامرية وهي المقاطعات الثلاث التي تنقل فيها يسوع.
اليهودية: إن
الحدود
الغربية من
اليهودية هي
البحر الكبير (البحر
المتوسط)
والحدود الشرقية
هي بحر العربة
(البحر الميت).
هذه الأخيرة
هي على علو ٣٠٠مترا
من مستوى
البحر وعاصمة
اليهودية هي
أوراشليم
التي تعلو عن
مستوى البحر
بين ٦٤٠و٧٧٠>مترا.
من السهل
معرفة أنحدار
البلاد إذ لا
نعلم مساحةاليهودية.
ستشهد اليهودية ولادة * ولادة يسوع في بيت لحم في الجليل. لو ٢ ١-٧ وموت المسيح * موت المسيح في اوراشليم (متى ٢٧ ٣٣-٥٦) الجمعة ٧ نيسان من العام ٣٠من الحقبة المسيحية. . هي تعد واحدة من المقاطعتين التي مارس فيها يسوع أهم وعظاته العلنية. أخيرا إن الغالبية الكبرى من السكان ينتمون إلى الديانة اليهودية بإستثناء المحتل الروماني الذي سنتحدث عنه لاحقا. الجليل: هي المقاطعة اليهودية الشمالية ولكن هذه المنطقة لم تشهد ولادة نبي ما (يو٧ ٥٢). هذه المقاطعة عرفت، مثل اليهودية، بروزا خاصا. فالجليل هي" مقاطعة الأمم" (اش٨ ٢٣ ) ، عبارة تفسر نسبة لموقعها الجغرافي القريب من المقايضات التجارية واختلاط شعبها. فسكان الجليل يعرفون من خلال لفظهم (متى٢٦ ٧٣). لن تعرف هذه المقاطعة الغزو الروماني. ستشهد الجليل نمو يسوع. بالفعل سيقضي يسوع قسما من حياته المحجوبة (الطفولة وأولى حياته راشد) في قرية الناصرية ،قرية يوسف * يوسف هو الأب المتبني ليسوع. سيكون هذا الطفل على عاتقه وسيفي ما عليه من مهام بتفان وقداسة وهذا ما سيجعل منه مثال الشجاعة وامه مريم. تبعا لأحداث الأناجيل الأربع، مارس يسوع القسم الأول من وعظاته في الجليل. السامرية: تعد السامرية المنطقة الرئيسية في فلسطين. فهي تفصل بين اليهودية والجليل. ولكن سكانها بالرغم من انتظارهم للمسيح لا يمارسون الديانة اليهودية وذلك لعدة اسباب: نفي أجدادهم من المقاطعة، وصول جاليات جديدة مع ديانتهم الخاصة،... إن العداءة بين اليهود والسامريين * السامريون هم سكان السامرية. متبادلة. في عهد يسوع،لا يعاشر اليهود السامريين وزد على ذلك، أن حتى لمة سامري تعد إهانة بالنسبة لليهود (يو ٨ ٤٨ ). من جهة السامريين فهم لا يترددون في ازعاج اليهود عند ذهابهم للحج في اورشليم. عادة، نلف السامرية ونعبر الجليل لنصل إلى اليهودية.
المحتل الروماني وهيرودس
في عهد يسوع لم تكن الأحوال على أفضل ما يرام.فمنذ عام٦٣ ق.م عرفت اليهودية الإحتلال الروماني وسبب هذا الإنضمام يستحق الذكر.
فيعام ٦٤ق.م إختلف أخوان على سيطرة اوراشليم: هيران الثاني وأخاه أريسطبول الثاني. كليهما سيطلب العون العسكري من القائد الروماني بومبي الذي قدم على احتلال سوريا. وقف بومبي إلى جانب هيران الثاني فاستولى على أورشليم. استقر الرومان في اليهودية تاركين السلطة البابوية لهيران الثاني، أي المهمة كاهن بيرووال. بالرغم من هذه الحرية السياسية والدينية المرئية، تظهر الأحداث أن فلسطين أصبحت محمية رومانية حقيقية عليها أن تدفع الضرائب للإمبراطور. أيضا فروما هي التي تصدر القرارات:
ـ حصل هيران الثاني على السلطة بفضل الجيش الروماني ٦٣ق.م) ؛
ـ ضمت روما واليا ايدوميان لهيران الثاني اسمه انتيباتر٤٧ق.م.) ؛
ـ خلافا للإضطرابات بسبب الحروب الأهلية في فلسطين المحرضة من قبل أتباع هيران الثاني وأريستبول الثاني عين المجلس الروماني أحد أبناء النائب انتيباتر المدعو... هيرودس الكبير (في ٤٠ ق.م.).
كان هيرودس الكبير رجلا سياسيا حاذقا فتزوج أميرة من العائلة الملكية القديمة ليكسب موضعا شرعيا سياسيا لدى سكان فلسطين.
حاول مراعاة الشعب اليهودي فأعاد بناء معبد أورشليم المدمر سنة ٥٨٧ق.م. لكن هيرودس لا تهمه الديانة أكانت يهودية أم لا
رغم ذلك لم ينل محبة اليهود. فما يبتغيه هيرودس هو المال والسلطة. ولكي يحفظ الإثنين معا، فهما تقريبا كآلهين بالنسبة له ، يطبق تدريجيا سياسة سلجة وسياسة الأقوى :
ـ السياسة اللزجة: بقي هيرودس مطيعا بدقة لقيصر اوغسطس في سياسته الخارجية. فهو حذق كفاية ليظهر مهارته ممالق يخدم بما فيه الكفاية مصالح روما ليحصل على مراعاة أساسية. وهكذا سيسيطر على اقليم مهم في تلك الفترة:
ـ سياسة الأقوى: يحكى أن هيرودس لم يتردد في قتل زوجته والعديد من أولاده عندما شك بمؤامرة ضده. فهيرودس متمسك بتاجه لدرجة أنه عندما قدم المجوس لعبادة الملك يسوع المنتظر من اسرائيل، رأى هيرودس في هذا المسيح خصما لسلطته. فحاول معرفة مكان وجود الطفل * متى ٢ ٧ " اذهبوا وابحثوا عن الصبي متحققين وإذا وجدتموه فأخبروني لكي أذهب أنا أيضا وأسجد له " بالتحديد. حينئذ لما رأى هيرودس أن المجوس قد سخروا به غضب جدا وأرسل فقتل كل صبيان بيت لحم وجمع تخومها من ابن سنتين فما دون (متى ٢ ١٦ ) ،على حسب الزمان الذي تحققه من المجوس. وهذا الأمر قد نفذ.
ما رأينا، لقد عانى الشعب اليهودي مرة أخرى، في تاريخه، الكثير من العذاب من قبل مجتاح روماني موجود على أرضه الوطنية ومن قبل ملك لا ينتمي حتى إلى الديانة اليهودية.
ولكن ما هو هذا الإيمان الذي يحي هذا الشعب ويجعله يتحمل وينهض؟
اليهودية وانتظار المخلص
لنعد إلى النص الكامل. منذ زمن موسى، إن الشعب اليهودي هو الشعب المختارمن قبل الله ليرث وصاياه ويطبقها. هي وصايا عن المحبة والإخلاص . بالمقابل يمنح الله الكثير من نعمه. وهكذا عقد يهوه الله عهدا مع شعبه (تث٥ ١-٢٢) والذي ترجم بالوصايا العشر. هذه الوصايا المعطاة من يهوه الله لشعبه تكوّن كل محتوى الحياة الديانية وأخلاق الشعب المختار حتى أن في اليهودية تشكل السياسة والديانة مجموعة من الصعب فصلهما.
لأسف، إستقرّ الشعب المختار، الأكيد من اختياره، في طمأنينة سمجة وغرق غالبا في تفسخ عميق في الأخلاق.
أنذر
الأنبياء
أحيانا من
عقوبات الله
وعندما حدثت
،انتظر الشعب
بفارغ الصبر
المخلص المعلن
من قبل
الإنجيل. إذا
فإن مفهوم
المسيح الأكثر
شائعا في عهد
يسوع تظهره
حام قوي يحمي
الشعب (مخلص
يعيد الرومان
إلى ديارهم؛
مخلص ملكي سيجلس
علىعرش دافيد
الأب محل...
الملك
هيرودس؛
الخ...) والذي
بالطبع يخضع
الشعوب
الأخرى على
الأرض تحت
سيظرته ليؤمن
بذلك سلاما
عالميا ( لنترجم:
سلام منال
بالسلاح اذا كان
هذا ضروريا0لن
يكون السلام
الروماني بل
السلام
اليهودي الذي
سيحل كل مشاكل
العالم).
ياختصار
سيكون وجه
المخلص المنتظر
وجه ملك
محارب،
مسيطر، وقوي.
والعالم لن يعرف
إلا خيارين:
الخضوع أم
الموت.
لم يتخيلوا أبدا مسيحا متألما، خادما متواضعا آت ليخلص البشر من عبادة الخطيئة وليس من الرق الروماني. مخلص، ينسب له صفة المزارع تاركا لكل فرد حريته الخاصة بقبول كلمته أو رفضها. وهناك ربما أمورا أكثر خطورة! فالربانيون في ذلك الزمان حاولوا ابعاد المخلص من دائرته الإلهية. رجل يكون ابن الله؟لن تتخيلوا هذا. * إنّ الواقع أنّ الله أصبح إنساناً يبقى عاقباً مهمّاً جدّاً في التّفاهم المتبادل عند مختلف الطوائف الموحّدة.
فيسوع، بالرغم من الكلمات التي لفظها والأعمال التي أنجزها علنيا، سيصطدم بالافهم والإعتراض العنيف من قبل الأشخاص الأثر ثقافة من الشعب العبري. فهم، ظلوا متشبثين لإبقاء أعينهم مغلقة لكي لا يروا نور العالم والقول أن الوقت لم يحن لمجيء المسيح. المعترضون الأساسيون هم: الفريسيون، الصديقيون والنساخ.
الفريسيون
يشكل الفريسيون واحدة من احدى التنشئات اليهودية في زمن المسيح ،وهي تشتهر بدراسة وتفسير اساسي للتوراة.
فالفريسيون، الراغبون بتحضير اطار محدد يمكنهم بمراقبة دقيقة للتوراة، توصلوا في النهاية بتحضير ٦١٣قاعدة ٢٤٨تهذيبية و٣٦٥ ممنوعة). سنكشف في المقطع الخطر في رغبة ادارة ل شيء حسب القواعد المحددة لكل عمل في الحياة: الذي هو نسيان الأهم، نسيان قلب الإيمان مستقطبا بذلك على احترام عدة معتقدات. يسوع سيوبخهم بعنف إزاء هذا الموضوع (متى ٢٣ ٢٣ ).
خلافا لفكرة سائرة، ينتمي الفريسيون إلى طبقات المجتمع الأكثر تواضعا. بشكل عام، ان صعوبة حياتهم تكسبهم مسمعا كبيرا لدى الطبقة الدنيا. ولكن إن وعظ يسوع غيّر مسمع هذا الشعب البسيط حيالهم.
يعتبر الفريسيون من أهم مشنعي المسيح. ولكن من الخطأ تعميم ذلك لأن يسوع عرف أصدقاء بينهم: فهناك نيقوديموس الذي دافع عن يسوع (يو ٧ ٥٠) أثناء مناقشة بين الفريسيين والذي أتى بمئة مير وألوة (يو ١٩ ٣٩) في تكفين يسوع. هذا الفريسي البارز جاء في ليلة قاصدا يسوع وعبر له عن إيمانه الكبير إزاء العلامات التي أنجزها (يو ٣ ٢) ؛ حاول أن يفهم لام يسوع الغامض ووجب الإعتراف أنه يجد صعوبة في ذلك، رغم معالمه في التوراة (يو ٣ ١٠).
الصديقون
يكوّن الصديقون فريقا آخرا في زمن المسيح. فهم يشكلون حزبا سياسيا دينيا في اليهودية وأعضاؤه ينتمون خاصة إلى العائلات الكبرى الكهنوتية وإلى الأرستقراطية العامية. يتفق عادة الصديقيون مع المحتل الروماني رغم انتمائه إلى الطائفة الأورثوذسية اليهودي. فهم يمتدحون المادية وينفون قيامة الموتى (لو٢٠ ٢٧).
عدد الصديقون قليل، وعكس الفريسيون، هم ،بعيدون عن الشعب الذي يضطهدونه. ولكن الفريقان يجتمعان معا في كرههما ليسوع.
يحب الصديقون المال والسلطة. فقيافا، الكاهن الكبير * يلعب قيافا دورا مهما في محاكمة يسوع. ، ينتمي إلى هذا الفريق من الصديقين، والذي بكونه يترأس محكمة االكهنة الكبار (السانهدران) * السانهدران هي المحكمة الكبيرة لدى الشعب اليهودي والتي سيمتثل أمامها يسوع. تتألف من ٧١ عضوا مقسمين إلى ثلاث طبقات: ١.القدامى ممثلو الأرستقراطية العامة (من المحتمل أن يوسف الأرتماني تلميذ يسوع ان ينتمي إلى هذه الفئة من السانهادران) ؛ ٢.كبار الكهنة (هم في الخدمة و أعضاء فخريين) وأعضاء من العائلات الأربع الذين يتم اختيار بار الكهنة بالإجمال. ٣.النساخ أو داترة القانون الذين ينتمون غالبا إلى حزب الفريسيين. هذه المحكمة التي ستحكم وتدين يسوع.
الكتّاب
في كل زمان، عرف العالم رغبة الكتابة. إذا كانت الديانة اليهودية تلقب " بديانة الكتاب" فيجب الإعتراف أنها تركت عملا مدونا مهما: الإنجيل. الكتاب هم ممثلوا هذا الإنتشار المكتوب من النصوص الإنجيلية. في زمن يسوع ،يتمتع الكتاب بالإحترام الكامل لدرجة أن العالم تعود بمناداتهم ربي أو معلمي. هؤلاء المختصون بالنص المقدس ينسخون، يترجمون، يمارسون مهمات مستشارين لدى المحام، والقضاة والمعلمين. ولكن العلم يؤدي أحيانا إلى الكبرياء وكفاية ذاتية. نظر الكتاب إلى يسوع بإزدراء، هذا الرجل الذي يدعي التعليم بنفوذ في حين أنه لم يتعلم (مر١١ ٢٧-٢٨)! كيف يمكنه الحصول على الجدارة المذهبية، فهذا الأخيرة لا يمكن الحصول عليها إلا بعد قراءة وبحث التوراة (مثلا: متى١٢ ٢ ؛ متى ١٩١-٩) ؟
نرى هنا الصعوبات العدة التي واجهها يسوع. فالكلمة التي يلفظها تؤدي إلي نتيجة غريبة: وهي أن تكون مفهومة من قبل اناس بسطاء وليس من العلماء * " أعترف لك يا أبت رب ألسموات والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والعقلاء وشفتها للأطفال". ( متى ١١ ٢٥) . كيف يكون هذا الشيء ممكنا؟ هذا ممكن لأن كلمة الله لا تتوجه فقط إلى الذكاء بل إلى القلب. لنتذكرأهم ما ورد في رسالة القديس يوحنا المعمدان التي وجهها إلينا: " غيروا قلبكم".
إذا لم يعرف يسوع إلا أعداء. ولقد رأينا أن بين معظم أخصامه الخطرين قد قابلنا بعض الأصدقاء. * نيقوديموس، الفريسي ويوسف أحد أعضاء السانهادران، رجل ثري، صالح صديق (لو٢٣ ٥٠ ). غير أن اختيار الرسل يتجه بغرابة إلى أشخاص من الشعب، ليس لأنهم ساذجين * إن ردة فعل الرسل تجاه إعلان قيامة يسوع من قبل النسوة القديسات يثبت العكس (انظرلو ١١ ٢٤ ). كفاية لمجيء أول شيخ روحي ولكن هؤلاء الناس البسطاء يرحبون كلمة يسوع والعلامات التي أنجزها أولا في قلبهم.
لنرى إذا بعضا من الأشخاص التي رافقت يسوع إلى فلسطين. لنحدد منذ الآن أن أول شخص يذكر هو مريم العذراء. لن نتحدث عنها الآن. ولكن اطمئن، فهي ليست منسية وستجد فصلا كاملا مكرسا لها في وقت لاحق.
الرسل
دعى يسوع اثني عشر تلميذا ليشكلوا الإثني عشر رسولا. اشتقاقيا، إن كلمة رسول تعني مرسل ، مبعوث أي موكل بمهمة.سنعود في فصل لاحق إلى هذا الجانب الرسولي. في الوقت الحالي لنتعرف على هؤلاء الرسل :
سمعان بطرس: الأول من الإثني عشر.صياد سمك. والذي أتى به إلى يسوع هو أخاه اندراوس.وجاء به إلى يسوع فنظر إليه يسوع وقال: " أنت سمعان بن يوحنا؛ انت تدعى يفا الذي تفسيره الصفاة (يو١ ٤٢) . لقد عينه يسوع أول بابا للكنيسة: وأنا أقول لك أنت الصفاة وعلى هذه الصفاة سأبني نيستي... (متى١٦ ١٨).
اندراوس : أخ بطرس. هو جليلي وصياد سمك. اندراوس هو أولا تلميذ يوحنا المعمدان، المبشر. بعدما أشار يوحنا المعمدان إلى حمل الله، هرع اندراوس وتلميذ آخر إلى يسوع. فالتفت يسوع فرآهما يتبعانه فقال لهما:" ماذا تريدان؟ فقالا له: "رابي ـ الذي تفسيره يا معلم ـ أين تسكن؟ ـ فقال لهما: تعالا وانظرا (يو ١ ٣٨-٣٩). فأتى اندراوس ببطرس إلى يسوع.
يعقوب (بن زبدى) : هو جليلي.وصياد سمك. ناداه يسوع وهو يعمل:" وجاء من هناك فرأى أخوين آخرين وهما يعقوب بن زبدى ويوحنا اخوه في سفينة مع أبيهما زبدى يصلحان شباكهما فدعاهما وللوقت تركا السفينة وأباهما وتبعاه (متى ٤ ٢١-٢٢).
يوحنا : هو جليلي وصياد سمك، مثل أبيه زبدى وأخيه يعقوب. يوحنا هو ربما الشخص الثاني الذي سماه يوحنا المعمدان حمل الله (الإنجيل لا يحدد ذلك بالظبط). مع اندراوس، سيشكلان اولى اثنين رسل يسوع. ينقل لنا الإعطاء أن يوحنا هو الأصغر من فريق الإثني عشر، الذي يحبه يسوع (يو ١٣ ٢٣). أخيرا، سيكون يوحنا كاتب الإنجيل الرابع : "هذا التلميذ هو الشاهد بهذه الأمور وهوالكاتب لها وقد علمنا أن شهادته حق" (يو ٢١ ٢٤).
فيليبس : جليلي. في اليوم التالي من نداء بطرس، اقترح يسوع الذهاب إلى الجليل؛ قابل فيليبس وقال له:" اتبعني !" كان فيليبس من بيت صيدا، مدينة اندراوس وبطرس (يو ١ ٤٣-٤٤). ذهب فيليبس باحثا عن نتنائيل ليأتي به إلى يسوع .
الآول من الإثني عشربارتيليموس (نتانئيل): جليلي. التقى فيلبس بنتنائيل وقال له: إن الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء، قد وجدناه! وهو يسوع، بن يوسف، من الناصرة. ـ فقال له نتنائيل أمن الناصرة، يكون شيء صالح؟ـ فقال له فيلبس: تعال وانظر. ورأى يسوع نتناءيل مقبلا إليه فقال عنه: هذا في الحقيقة إسرائيلي لا غش عنده. ـ فقال له نتنائيل من أين تعرفني؟. ـ أجاب يسوع وقال له: إني قبل أن يدعوك فيلبس، وأنت تحت التينة رأيتك. ـ أجاب نتنائيل وقال له: يا معلم أنت ابن الله، أنت ملك اسرائيل. أجاب يسوع وقال له: لأني قلت لك إني رأيتك تحت التينة آمنت !إنك ستعاين أعظم من هذا. وقال له :الحق الحق أقول لكم، إنكم سترون السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن البشر. (يو١ ٤٥ ـ٥١) .
متى (لاوي): هو أيضا جليلي، ولكنه ليس صيادا. فمتى كان عشارا، أي جابيا للضرائب، لصالح المحتلين (الرومان والملك هيرودس). بإمكان القول أن العشارين لا يجذبون الإحترام حتى أن الإنجيليين يجمعون أحيانا معنا زهيدا مع كلمة عشار: عشارين وخطأة (متى٩ ١٠ ) أو أيضا العشارين والزناة (متى٢١ ٣٢). مع ذلك، فسينادي يسوع عشارا:"وخرج بعد ذلك، فرأى عشارا اسمه لاوي جالسا عند مائدة الجباية فقال له:" اتبعني". فترك كل شيء وقام وتبعه" (لو٥ ٢٧-٢٨). سيكون متى كاتبا لأولى الأناجيل الأربع
توما (الملقب بالتوأم): لا نعلم إذا كان توما جليليا أم لا مثل الباقين. فالأناجيل تعرفه، رغم كرمه، مثل الذي يشك ويطلب العلامات:"يا رب، لسنا نعرف أين تذهب. وكيف نعرف الطريق"؟ (يو١٤ ٥) ، ولاحقا بعد القيامة: توما، أحد الإثني عشر،الذي يقال له التوأم، لم يكن معهم حين جاء يسوع. فقال له التلاميذ الآخرون: "إننا قد رأينا الرب"! فقال لهم:"إن لم أعاين أثر المسامير في يديه، وأضع إصبعي في موضع المسامير وأضع يدي في جنبه، لا أؤمن". وبعد ثمانية أيام، كان التلاميذ أيضا داخلا وتوما معهم. فأتى يسوع، والأبواب مغلقة، ووقف في الوسط وقال:"السلام لكم!".ثم قال لتوما:"هات اصبعك إلى ههنا:
وعاين يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن، بل مؤمنا". أجاب توما وقال له:" ربي وإلهي!" قال له يسوع:"لأنك رأيتني، يا توما، آمنت.طوبى للذين لم يروا وآمنوا".(يو ٢٠ ٢٤-٢٩) يعقوب (بن حلفي) : لانعلم إلا القليل عن يعقوب (ابن حلفي). في الواقع ، إن العهد الجديد لا ينقل لنا سوى اسمه (متى ١٠ ٣ و رسل ١ ١٣ ).
يهوذا :جليلي، من أصل ناصري هو واحد من أبناء عم يسوع. أهله هما كلوباس ومريم (يو ١٩ ٢٥)(سلفة أو ابنة عم مريم العذراء) واخوته هم يعقوب الأصغر، سمعان ويوسى (مر ٦ ٦).
سمعان (المتدين) : لا ينقل الإنجيل شيئا عنه إلا أنه كان واحدا من الإثني عشر (لو ٦ ١٥) وقبل أن ينادى يبدو أنه كان متدينا. يشكل المتدينون مجموعة دينية يهودية قريبة من الفريسين ولكنها تزيد على إيمانها نزعة قومية محاربة ومتدينة.
يهوذا الإسخريوطي : ُيذكر يهوذا دائما في آخر لائحة الإثني عشر رسولا. يبدو أنه أصلا من اليهودية. * اسخريوط هي كلمة مشتقة من الرجل من كريوط (مدينة يهودية). يصر الإنجيليين على نوعيته كرسول بحصر معنى الكلمة. كان يهوذا أحد الإثني عشر (متى ٢٦ ١٤). والإصرار على نوعيته كرسول هو لغاية أخرى: يهوذا، هو الذي سلمه.هذا الإصرار يرجع باستمرار. فيهوذا هو طبعا الرسول الذي سلم يسوع لقاء ثلاثين من فضة (متى ٢٦ ١٤-١٦ ). طبعه الخسيس بالغش بلغ أوجه عندما، قام يهوذا في جبل الزيتون، بتزوير علامة المحبة بعلامة الخيانة:"وقد أعطاهم الذي أسلمه علامة قائلا الذي أقبله هو، هو فأمسكوه وقودوه باحتياط".وللوقت جاء ودنا إليه وقال:" السلام يا معلم" وقبله (مر ١٤ ٤٤ - #1636;٥ ). فقال له يسوع: "يا يهوذا، أبقبلة تسلم ابن البشر !" (لو ٢٢ ٤٨).
يعلمنا الإنجيلي متى أن بعد محاكمة يسوع، ندم يهوذا ومضى ليشنق نفسه (متى ٢٧ ٣ - ٥). رغم المظاهر، ربما هذه هي الخطئية الأخيرة الكبرى التي اقترفها يهوذا. فهذا الأخير، لعدم ايمانه، شك برحمة الله، بمحبة الله. * "ومن قال كلمة على ابن البشر يغفر له وأما من قال على الروح القدس فلا يغفر له لا في هذا الدهر ولا في الآتي " متى١٢ ٣٢ .إنّ الإنسان يُعذر إن أخطأ حول المنصب الإلهي ليسوع،المحجوب بمظاهره المتواضعة ك"ابن الله"؛لا يجب أن يُغمض عيناه وقلبه أمام أعمال الروح القدس.بإنكاره كلّ هذا،هو يرفض مبادرة الله العالية ويصبح خارج الخلاص - Les éditions du Cerf 1956, La Sainte Bible (Jérusalem),Note e) p.1305. لقد ظن يهوذا أن أبانا لن يغفر له خطاياه. كان يمكن ليهوذا أن يتوب ولكنه لم يشعر إلا بالندم فذهب وشنق نفسه.
ولكن لنستقل آلة السفر لنسافر عبر الزمن. فبعد أن ذهبنا إلى أولى أيام البشرية، سنسافر لنتوقف عند أول العهد المسيحي. لنكمل الآن سفرنا الزمني لنتعرف، ولو قليلا على العهد الذي عاش فيه فرنسيس الأسيزي، أي في آخر القرن السابع بعد المسيح.
في زمن فرنسيس
في مدينة إيطالية، ولد المدعو جان برناردون في آخر سنة ١١٨١ أو في أوائل سنة ١١٨٢والده، بيار برناردون، لم يكن قرب زوجته لسماع أولى استهلالات ابنه. فبيار برناردون كان تاجر قماش ثريا، وُصدف وجوده في فرنسا بسبب سفر أعمال، عند ولادة ابنه. وبانتظار عودته من السفر، منحت الأم، السيدة بيكا، الطفل اسم جان، ولكن الأب عند رجوعه من السفر سماه فرنشسكو (فرنسيس) الذي يعني الفرنسي الصغير.سيكون اسمه بالمعمودية. هذا الطفل سينمو في مدينته، مسقط رأسه وسيعيش أهم معظم حياته وسيموت فيها. هذه المدينة هي أسيزي. لهذا السبب، بعد مماته، سيدعى فرنسيس الأسيزي * سنستعمل بلا تمييز في هذا الكتاب واحدة من بين الألقاب الأربعة التالية: فرنسيس، فرنسيس الأسيزي، القديس فرنسيس أو القديس فرنسيس الأسيزي.
أسيزي
مدينة صغيرة إيطالية ساحرة، تتواجد في منطقة الأومبري، على مسافة مئتي كيلومترا تقريبا في شمال مدينة روما. هذه المدينة، المغمورة بشمس إيطاليا، تقع على انحدار متوسط من جبل سوباز، على علو ٥٠٥ مترا
فوق مستوى البحر. هي مدينة رومانية قديمة جدا وملتقى لطرق تؤدي من فولينيو إلى بيروز أو تنزل حتى إلى سبولات، فموقعها الجغرافي أضفى عليها موقعا استراتجيا مهما في القرن الوسيط.
منذ وفاة فرنسيس الأسيزي (ليلة ٣ إلى ٤ تشرين الأول ١٢٢٦) ، لم تعرف هذه المدينة دمارا بفعل الحروب، حتى أن اليوم، إذا تنزهنا في شوارعها الضيقة، تسلقنا أدراجها وتشمسنا في ساحاتها، سنكتشف بشكل ملموس،المدينة التي عرفها فرنسيس حين كان حيا . وكن قبل أن نتعمق أكثر في حياة فرنسيس، لنقم بجولة سريعة على العهد الذي سبقه والعهد الذي شهد ولادته. سنرى أن القرنين الحادي والثاني عشر يتميزان بتغيرات كثيرة شوشت المجتمع في هذا الزمن. نعم! نحن، رجال القرن الواحد والعشرين، نستطيع بفخر أن نفكر أن البشرية بدأت أخيرا بالتحرك " مع عهدنا، ثقافتنا العالمية قريبا، تكنولوجيتنا، معالمنا الطبيعية، طرقنا الهامة في الإتصال. لنحتفظ " برباطة جأشنا " و " لنعلم ماذا نفعل ". فالعالم لم يخلق الأمس. سنشاهد أن في عهد فرنسيس، كل شيء تحرك بشكل ملحوظ. لنرى سريعا الحياة " قبل فرنسيس الأسيزي " .
القرن الوسيط العالي والرّهبنة
يبدأ القرن الوسيط في أول القرن الخامس ويتابع حتى أول القرن الحادي العشر. هذه الفترة الطويلة لها طابعا مميزا وساحرا. في الواقع، ،تجسدت العصور القديمة في الغرب ببلبلة بربارية. أكثر من عشرين
شعباً بربريا تدفق نحو أوروبا، مدمرا، ناهبا، مغتالا، يعد أدراجه أو يقيم في أمان الغزو. وأحد أهم عوامل إعادة السلام لأوروبا المشتعلة سيكون عن يد الرهبنة، أي عالم الرّهبان.
فالرهبان هم الذين سيعيدون بناء أوروبا. وتسمية القديس بنوا، شفيع أوروبا، تؤكد هذا مليا. الرهبان سيخمدون الفتن، الرهبان سيبشرون الإنجيل. حتى أنهم سينتهون باحتفاظ شبه امتياز على الصعيد الثقافي، على الأقل بما يخص الكتابة المعرفة والخبرة.
غير أن انتشار المسيحية سيشهد ساعات مغتمة في بداية هبوط القرون الوسطى.
الكنيسة في القرن الثاني عشر
يتفق مؤرخو التاريخ على القول أن القرن الثاني عشر يمثل أحد العهود الأكثر توترا واضطرابا في تاريخ نيسة الغرب. في الواقع سنواجه في تلك الفترة الكثير من المشاكل على جميع أصعدة الحياة الكنيسية.
في أعلى رتبة من طبقة الكنيسة، عرفت الفقرة المدرجة بين انتخاب كاليست الثاني (١١١٩) وانتخاب انوصانت الثالث * سيكون انوصانت الثالث البابا الذي سيوافق على مبدأحياة فرنسيس وإخوته. (١١٩٨) ، أي، ٧٩، انتخاب ثالث عشربابوات وستة من البابوات الزائفين، هؤلاء تم انتخابهم في أثناء سلسلة طويلة منة الخلافات التي دامت حوالي ٤٠ سنة.
من ناحية بضعة رجال الكنيسة، لم يكونوا قدوة للحياة الإنجيلية أو ببساطة لم يحترموا النذور المعلنة. فعدد كبير من الكهنة والكهنة القانونيين نفروا من احترام نذور العزوبية. فضلا عن ذلك، إن السباق إلى المال والرواتب، وجمعها، تواجدت كثيرا في فترة الكنيسة تلك.أخيرا، ظهرت عدة معارضات بين خطاب الكنيسة حول الفقر والثروات التي يجمعها الأساقفة والديور. فالعواقب المرتبطة لهذه الأمثلة الشفهية عن الحياة الإنجيلية والمنافضات هي رهيبة أولا على المؤمنين ما على الإكليروس التدريجي لأعضاء رجال الدين المشروعة في سياق القرن الحادي عشر والتي ظهرت مليا للشعب تجاة رجال الكنيسة. هذا التطور الإيجابي، الذي يلبي دون شك إلى حاجة حقيقية للكهنة للتقرب من الشعب سيزداد في القرن الثاني عشر.
ذلك، حتى إذا إلتقينا في كنيسة القرن الثاني عشر العديد من القديسين (يجب تسمية القديسة هيلدغارد، القديس برنارد، القديس نوربير، القديس ألبير، القديس بطرس مولاسك وغيرهم...) فالإثبات أن الكنيسة هي في وضع مضطرب لا يزال. فهل فقد الإيمان لهذا الحد؟ لا بالعكس! الجدير بالذكر أن الكنيسة لا تعد فقط أعضاء الإكليروس. بالفعل، فجسد المسيح يشمل كل الشعب المعمد. من هنا، فإن محبة الله وإكتشاف معالمه هما أبدا من أولى إمتياز رجال الدين. فعلمانيو القرن الثاني عشر سيعبرون عن تضورهم وعطشهم لله * تطلب الله رغبة منقوشة في قلب الإنسان، لأن الإنسان خليقة من الله ولله، والله يجتذب الإنسان إليه اجتذابا متواصلا، والإنسان لن يجد الحقيقة والسعادة اللتين يسعى إليهما دائما إلا في الله. ت م ك ك ٢٧. ، أحيانا باحترام عميق ومشاركة بلسمية مثل المهانين أو المنزوين، وأحيانا أخرى في تناقض كامل مع الله، مثل البدع.
المهانون والمنزويات
سنرى ولادة تحرات مثل المهانين. هم حرفيو صوف، يجتمعون سويا ليس فقط لتطلبات تقنية لمهنتهم، بل خاصة لرغبتهم في تكريس عملهم كنساج. إذا فهم يجتمعون بينهم،أكانوا متزوجين أم لا، لصلوات عامة وتداول في النصائح والإرشادات. هناك شيئان يميزان المهانون: أولا، مشاركة أرباح أعمالهم لكي يؤمن للجميع نسبة عيش متساوية (مثال لأولى جمعية مسيحية في أورشليم). ثانيا، إنجاز نوع خاص من القماش زهيد السعر، ذو نوعية بسيطة، يسمح بذلك حتى للشعب الأكثر فقرا، امكانية الملبس.
وسنرى أيضا ظهور " mulieres religiosae " * هذا العبارة العامة تحدد، حسب وثائق هذا العهد، النساء اللواتي تعشن حياة دينية، ولكن دون نذر رهباني حقيقي. ،أي نساء يخترن أحيانا العيش في مجموعات في منازلهم، بعفة، يشتغلن يأيديهن تكريسا لأعمال خيرية. * Le Sarment FAYARD 1993,Claire d'Assise, Bartoli, p.134 هذا النوع الجديد من الحياة المشتركة هو أيضا ثمرة تغيير بارز للعقليات. فعلا، إن الحياة الدينية، ستعبر حتى في قلب المدن. إنها موجة جديدة، لأن حتى الآن، كانت الحياة الدينية تمارس فقط في الأديرة البعيدة عن العالم المدني. هناك نساء أخريات اخترن الحياة المتنسكية المدنية. هن المنزويات. منذ وجود الرهبنة،ان هناك دوما نساك، أي نساء اخترن حياة العزلة والصلاة على مقربة من دير ما. وكما حددنا،كانت هذه الأديرة بعيدة عن المدينة. المنزويات، عكس ذلك، سيعشن في سجن الإصلاحية ، ، " reclusorium " ، أو في صومعة " eremus " ، أو في سجن وغالبية هذه الأمكنة موجودة في قلب المدينة أو قريبة جدا من مركز شعبي * تأليف مارو بارتولي (المذور سابقا) . وهذه المنزويات يقمن علاقات قوية مع المحيط المجاور.
إلى جانب هذه الظواهر الروحانية المعايشة في تناغم مع الإنجيل، اذ بتبعيات اقطاعية تعرف النور.هي أيضا تحاول الإجابة على الحماس وثافة الحياة الدينية الصاعدة بين العلمانيين. ولكنها تتعارض بشكل جذري للجسد الروحاني للمسيح.
البدع
ستولد البدع من رجال، أغلبيتهم يرجعون إلى الإنجيل. فهم يعيشون حياة فقر، عفيفة وقاسية. فكيف يوصفون هؤلاء المرسلون المصلحون؟إنتشرت تقنيتهم بسرعة وحافظت على فعاليتها طوال قرنين تقريبا.بدأوا بتوضيح الأخطاء المتكررة وغير المقبولة من قبل الكهنة، والذين يعارضون حياتهم القاسية والصارمة: مثال المقارنة هو طبعا، الحياة الحزينة، القاسية والمضطهدة للمسيح، ابن النجار، المكره من الكتاب والفريسين، المرغم على الفرار من بلد إلى بلد والذي أخيرا صلب. من الذي كان الأقرب منه، الكاهن الثري أم الملحد الفقير؟ الإجابة كانت سهلة، ما هو سهل الوصول إلى النتيجة أن الملحد هو مستلم الحقيقة، المحفوظة منذ قرون من قبل منتخبين وها هي تعود إلى الضوء، هذه الحقيقة المنقذة، السبيل الوحيد الممكن إلى الخلاص. * Editions Fransiscaines 1981, Saint François d'Assise, Raoul Manselli, p.11
من الواضح أن نقد الإكليروس، مهما كن كريها، لم يكف لجعل الإنسان بدعي.هذا النقد، المميز كليا يترافق برؤيا من الله والعالم. سنذكر، على سبيل المثال، أكثر البدع المرعبة في ذلك الزمان، للكنيسة ما للمجتمع: بدعة المانوية * انتشرت بدعة المانوي في جنوب فرنسا وشمال إيطاليا. في زمن فرنسيس، كانت مدينة سبولت، التي تبعد ٤٠ كيلومترا عن أسيزي،مركزاً مهما للمانويين. في كلّ أوروبا، لن تمتد المانوية أكثر من ذلك، بسبب إستبعاد نظامي للمانويين من قبل السلطات المدنية آن ذاك.
ان للمانويون تصورا ثنائيا للعالم، ووفقا لذلك هناك مبدأين أساسين ومعارضين بوضوح: الله، هو على رأس مملكة الروح، وإبليس، هو على رأس مملكة المادة. في الحالة هذه، بما أن أجسادنا هي مادية، فكل ولادة تؤدي إلى تكاثر امبراطورية إبليس. من هذا الفعل، يجب تشجيع كل عمل يطعن هذه الحياة المادية، مثل الإجهاض، قتل الأطفال، أو حتى الإنتحار. بالطبع، هذه النظرية تنكر ألوهية الرب ـ الإنسان، حتى النقاط المهمة في الحياة المسيحية مثل الحب المتعايش في الزواج. أما بالنسبة للحياة الآخرة، وتحديدا الحياة بعد الموت، فالوصول إلى الفردوس يتحقق إذا استطعنا قتل أجسادنا والحصول قبل الموت، على بركة من مانوي. ففكرة هذه تزيل كل احسان المؤمن وتستبعد كل رحمة إلهية.
من الصعب اليوم تخيل الإنجذاب الذي أحدثته البدعة المانوية (ذلك البدع الأخرى) لدى الشعوب. فقساوة المانويين، أي الطاهرون، تشكل جزءا من الإحترام، وفي الحالة هذه الإعجاب * زز لا يجب أن ننسى هذا التأكيد المطروح في أول المقطع:النلس متضورون وعطشون لإله. هذا صحيح وسيظل طبيعيا صحيحا، حتى لا شعوريا . فضلا عن ذلك، كان التبشير بلغة سوقية، بأسلوب بسيط، سهل البلوغ إلى الجميع. أخيرا، وجد الكثير من الأسياد والبرجوازيين أسلوب المانويين مستحبا أكثر: أريد العيش مثل الكافر كل حياتي. الشيء الوحيد الذي هو ضروري لأحصل على الفردوس، هو إختصار فترة حياتي حين أشعر أنها وصلت إلى حدها والحصول، قبل إنتحاري، على بركة المانوي.
تزامنا لهذه المظاهرات المعبرة عن الحيوية والإيمان، ظهر هناك عنصرا جديدا، ومن الواضح في مختلف الأتجاهات. ألا وهو ولادة وامتداد المدن.
المدن والتحرك القروي
ألأهم في النظام الإقتصادي والإجتماعي في القرون الوسطى يعتمد على الريف. عكس ذلك، بعد عام الألف، كان هناك عدة عوامل أعطت للمدن أهمية انت قبلا مجهولة وأدت إلى تغييرات كبيرة جدا في العلاقات الإجتماعية.
خلال أربعة قرون، عاش العالم في النظام الإقتصادي، أي عالم يتميز، على الصعيد الإجتماعي بعلاقات ذو طبقات متسلسلة. في قمة الهرم، نجد الإمبراطور أو الملك. وفورا، على الصعيد الأدنى، نجد الأمراء والدوقيون، الذين يقسمون يمين الإخلاص لسيد الإقطاع. ثم، في القسم الأسفل، نجد الأسياد الذين يفعلون الشيء نفسه.أخيرا، في الأسفل الكلي من المرتبة الإجتملعية، نجد الرقيق الذي يقسم يمين الولاء الإقتصادي والإجتماعي.هذا المجتمع يرتكز أولا على علامة الإستقرار. الحق يقال، أنه يتجذر في الأرض. لا أحد يستطيع أن يتخلى عن الأرض التي ارتبط بها: فالرقيق ليس له الحق بأن يهجرها، والسيد ليس له الحق بأن يبيعها.القصير الريفي (سكن السيد) ، البيت الريفي (الذي هو للمزارع) ، الإقطاعة (الأرض التي يزرعها) ، والقروي، كل هذه الألفاظ من الحياة اليومية في ذلك الزمان مشتقة من نفس الكلمة اللاتينية مانيري والتي يعني السكن * Desclée De Brouwer 1986, François d'Assise- le retour à l'évangile, Eloi Leclerc,p.13
هذا النّموّ الديموغرافي بعد العام الألف شكل ولادة أو نموّ هذه المدن التي كانت موجودة. فنرى إذا سكان نفس المدينة مجتمعين لإدارة حياة القرية * القرية: ابتكرت هذه الكلمة في هذه الفترة. وهي تعني جمعية البورجوازيين ومعناها يختلف عن اليوم (فبورجوازي يعني سان المدينة). والإستقلال نسبة للسلطة العليا، الإمبراطورية، هذه السلطة المفقودة كليا من الحياة السياسية الإيطالية لأكثر من ربع قرن (بين ١١٢٥ و ١١٥٢). ينتخب إذا السكان دوريا البعض منهم لإدارة القرية. لكن لا يجب النظر إلى هذا المرأى الإنتخابي، الذي يتخلى كليا عن طابع الحق الإلهي للسلطة، بدايات أيا كانت للديموقراطية. فهناك إرادة واضحة لإعادة كل الإمتياز الإشرافي. يريد البورجوازيون إدارة أنفسهم دون عرض تقرير لأي ان. هذا العزم سيحقق هدفه، أحيانا في ظل خلافات رهبية بين النبلاء والبورجوازيين. منذ اكتساب الإستقلال القروي، سيسعى سكان القرية لتوسيع منطقة نفوذهم، وبهذا، سيدخلون في خصام مع القرى المجاورة التي تتبع أحيانا الأهداف نفسها.
سيعيش
الشاب فرنسيس
برناردون كل
هذه الأحداث.
كان
لفرنسيس ١٦ عاما
عندما حاصر
ودمر سكان أسيزي
القلعة
الإقطاعية
الإمبراطورية
التي تشرف على
المدينة.
ستعلن القرية
عندما بلغ ١٨ عشر.
في عامه العشرين، سيذهب إلى الحرب، مع العديد من أصحابه، ضد بيروز، المدينة المجاورة التي يبعد عشرين كيلومترا عن أسيزي. زد على ذلك، سيؤسر وسيدوم أسره عاما واحدا.
ولكن لكي لا نذهب بعيدا. بقي علينا إكتشاف الجناح الأهم في عهد فرنسيس. إذا كانت المدن في حرب مع المدن المجاورة، وهي بحاجة، لتمويل الصراعات، لرؤوس أموال وستجدها لدى السكان الأكثر ثراء في القرية: التجار.
التجار
تحت شعار التجار، سنجد خاصة أربع طبقات من البورجوازيين: الحرفين، الذين ينتجون بأنفسهم الأرباح ويبيعونها؛ تجار الجملة الذين يشترون المنتجات ويبيعونها دون تغييرها؛ الصناعييون الذين يشغلون في تلك الحقبة قسما كبيرا من سكان المدينة؛ أخيرا، كبارتجار الجملة، ومن بينهم، سنجد في المرتبة الأولى (من ناحية المدخول) تجار القماش الكمالي. ان فرنسيس ابن تاجر ينتمي إلى هذه الطبقة * إن جميع المصادر، من أي أصل انت، وأي طابع ومنشأ تكون،تتفق على نقطة واحدة: إن فرنسيس الأسيزي ان من عائلة ثرية، بل فاحشة الثراء، تنتمي إلى أعلى مستوى من طبقة تجار المدينة. Editions Franciscaine1981, Saint François d'Assise, Raoul Manselli,p.33. . هناك ثلاث عوامل مهمة يجب أن تذكر على صعيد التجار، هذه العوامل ستجعلنا من ناحية أن ندرك أكثر بعضا من خيارات الحياة أو بعضا من تصرفات فرنسيس.
العامل الأول الواجب ذكره يدعى"المال". فرجال تلك الحقبة سيضحون بكثير من الأشياءوكلمة تضحية ليست بكثيرـ للحصول على المال،ودائما للحصول على الأكثر. فشهادة المؤرخون تنقل لنا الأحوال الكريهة المفروضة على الأشخاص الذين يعملون لدى التجار. ليس أكثر أن هؤلاء التجار يجمعون أحيانا على التحكم بالرواتب، الإيجارات والأسعار،حتى أنهم لا يدفعون لموظفيهم إلا الحد الأدنى وذلك لكي لا يموتون من الجوع. هذا الرأسمال المفرط سيحاكم بشدة من قبل الكنيسة: "في كل مكان أو تقريبا حيث جريمة الربا قد تسربت، إلى حد أن الكثيرين أهملوا العمال الخرى لينصرفوا إلى الربا ما لو كانت مشروعة، دون الإهتمام بالعقوبات التي تفرض عليها في العهدين. إذا سنفصل أن المرابين المشهورين لن يستطيعوا أن يقبلوا إلى سر المذبح وأنهم إذا ماتوا بهذه الخطيئة، لن يحصلوا على الجنازة المسيحية * قانون ٢٥ من المجمع الديني لللاتران الثالث.
العامل الثاني الواجب ذكره ينبعث مباشرة من الأول: مزاولة إحتكار نفقات البلديات لصالح الأثرياء. فلا نحلم. إذا ان الشعب لا يشكل إلا واحدا لإنقلاب السلطات السياسية القديمة، وذلك للحصول على حياة أفضل، أكثر أخوية وأكثر عدلا، فهذا الإنقلاب لا يفيد إلا البعض والأمل للحصول على حياة أفضل وأكثر أخوية تحوّل إلى واقع مرير وصعب بالنسبة للآخرين. فالذين يديرون الحياة الإقتصادية يدعون إلى حقوق جديدة باحتكارهم حياة المدينة السياسية. وبدا هذا الإحتكار أكثر سهولة إذ إن في بعض المدن، عمد بعض المخاترة وقضاة البلدة إلى استعمال نظام اختيار الزميل عوضا عن الإنتخاب لتجديد أعضائهم. وهذا يمنح لأباء هذه العائلات على التعلل بأمل رؤية أولادهم يشغلون مناصب رؤساء المدينة في المستقبل. سنفهم أفضل غضب تاجر أسيزي، ،بيار برناردون، لرؤية ابنه البكر فرنسيس، يُظهر تأويلا سيئا. يا لها من خيبة للتاجر! يا له من إذلال صائب علني بالنسبة لرجل المدينة! يا لها من نتائج مشؤومة في المستقبل لمصير هذه العائلة في وسط المدينة! خاصة أنه في بعض المجالات، وربما خصوصا في ذلك الزمان، إن حساسية الرأي العام مرهفة.
الجانب الثالث الخاص بعالم التجار يتعلق برغبة المنافسة مع النبل. يجد تاجر القماش، الذي هو تاجرجملة للمنتوجات الكمالية، أغلبية زبائنه بين النبلاء وينتهي به الأمر إلى الإعجاب بطريقة عيش هذه الطبقة الإجتماعية. هذا صحيح من خلال وجهة نظر، فالبرجوازيين يتقربون من النبالة من ناحية السيولة المالية أولا وأيضا من الناحية الثقافية. فيتفق في ذلك الزمان،أن التجار، بحاجة لمعرفة القراءة والكتابة وذلك تبعا لأعمالهم، في اللغة العامية مثل اللاتينية لأن كل عمل محرر هو مكتوب باللاتينية.
سيحاول التجار التطابق مثل النبلاء في نواح عدة انت حتى الآن مخصصة لهؤلاء الآخرين: الحياة الأنيسة والأسلحة.
الحياة الأنيسة: الموضوع الأهم في الحياة الأنيسة هو الحب الطاهر fin'amor هذا الإخلاص الكامل والمطلق للسيدة التي إختيرت. المقصود هو ارتباط عميق، ولكن روحي، والذي يحب يخرج كل الفرح الذي يصل إلى أوجه إذا المحبة بادلته هذا الحب. هذا الحب الطاهرلا يكفي لجعله أنيسا. يجب أن يترافق بسلسلة أجمع من مميزات أخرى التي تغنيه وتكمله. الأولى من هذه هي أن يكون joven ، أي أن يتمتع بمميزات الأناقة، الخفة، الشجاعة، عفوية الشاب الجريئة. يجب أيضا أن يتمتع بخاصة أخرى، largesse أي السخاء، الكرم في الهبة، ليس فقط تجاه السيدة ولكن أيضا تجاه الآخرين. إنجاز هذه المجاملة يتفق مع فن معرفة البوح بحبه، بالطريقة الأكثر لباقة الممكنة، وأحاسيسه الخاصة تجاه السيدة، سيكون بالغناء المترافق مع الموسيقى * أسطر مستخرجة من كتاب Raoul Manselli (مذكور سابقا). .
الأسلحة:حتى الآن، ان المجتمع منقسم بصرامة إلى ثلاث مراتب ordines * أل ordines الثلاث تشكل واحدة من الترتيبات الناصبة من المجتمع الوسطي. ، الكهنة، المحاربون والآخرون. فالتجار، الراغبون دوما بتطابق مع النبلاء، سيسعون إلى الوصول إلى هذا الإمتياز الذي يتمثل بإستعمال الأسلحة. هذا مسلم به أن هذا الأمر لم ينل إعجاب الكل. فمطران القرن الثاني عشر، اوتون دو ريزيغ، أعطى للقرى الإيطالية وصفا شهيرا، مليئا بالإحتقار المتعجرف. فهو يرفع هذا العمل،الذي يحكمه بالأكثر فاضحا، أن التجار لديهم الشجاعة بأن يقلدوا حميلة
فرنسيس برناردون، ابن التاجر، سيتجرأ ليكون أنيسا وفارسا: إذا مارس مهنة أبيه، فقد مارسه بطريقة أخرى لأنه كان أكثر فرحا وأكثر سخاء منه * ٣ ر ٢ . مولع باللعب والأغاني، في النهار ما في الليل، يجوب فرنسيس مدينة أسيزي برفقة من في عمره. كان يظهر سخاءه في إنفاق كل ما كان أو يستطيع أن يجنيه، فيبدده في مآدب كبرى أو ما يشبهها. ولكنه كان يعلم كيفية الظهور لبقا في الأعمال والكلمات.
ذات
يوم،كان
فرنسيس في محل
أبيه يبيع
القماش، وإذ
بفقير يدخل
ويطلب الإحسان
لمحبة الله.
لكنه رفض
الإحسان
متحفظا بجاذب
الربح ومتهجا
نحو التجارة
الكبيرة (تجارة
يبرع فيها).
عندما ذهب
المتسول، لام
نفسه لفظاظته
وقال:"إذا هذا
الفقير طلب
منك شيئا باسم
أحد كبار
الكونت أو
بارون ما،
فحتما لكنت
أعطيته ما
طلبه. بالأحرى،
لملك الملوك
وسيد الكل، كان
واجب منك فعله".
بعد سنوات
عدة، جهّز
نبيل ما من
أسيزي كل
عدة الجندي
للذهاب إلى
بوي (Pouille) لكسب مالا
وشرفا أكثر.
عندما علم
فرنسيس، أراد
الذهاب معه
وعلى أمل بأن
يصبح فارسا،
حضر الثياب
الأكثر ثمنا
قدر المستطاع.
ولكن، على
الطريق،
إلتقى بفارس
فقير، أي فارس
حقيقي بزي
مضحك ورثّ
وذلك لنقص في
المال. عندما
رأى هذا
الفارس الحقيقي
فرنسيس، خجل
من وضعه. فهو
لا يملك حتى حصانا.
ولكن هذا
الحياء إنقلب
بغرابة. شعر
فرنسيس
بالإنزعاج
الذي يحدثه
غناه الفاحش
لدى الفارس
الأصيل
فأعطاه
أمتعته. بل
سيعطيه كل
شيء.
نرى إذا شخصية هذا الشاب، فرنسيس، التي تستكشف وتفرض نفسها في آن معا. هو يبحث عن المجد الوهمي وفجأة يجب نفسه فائضا بالكرم. إذا بدا بارعا في الأعمال فحبه لله سيعبره بإحترام عميق للآخر. وهناك حدثا، أو تحديدا مقابلة ستظهر تغييرا جذريا في حياته وفي نظرته للعالم. المقابلة مع أبرص.
الإهتداء
لنعد جيدا إلى نص ذلك العهد الذي يتعلق بالبرص. فأغلبية قوانين اليهودية المرتبطة بتصرفات المجتمع نسبة للبرص تذر في المسيحية. سنجد في العهد القديم (أح ١٣ ١-١٧ ، ١٣ ٤٥-٤٦ ، ١٤ ١-٣٢) أنظمة بشأن قذارة البرص والتي أدت إلى دمج برص الجسد ببرص الروح. كان الأبرص انسانا خاطئا كبيرا رغما عنه وتظهر خطيئته للجميع عبر إمكانية رؤية البرص. إلى جانب هذا النفي الديني، هناك عقوبة النفي المدني الفعلي. فهذا ينطبق إلى إبعاد المريض من الفريق الإجتماعي. كان يفرض على الأبرص المكوث في بيته في مكان منزو جدا. فالبرص لا يستطيع أبدا أن يدخل إلى المدينة. إذا أراد التنقل، فعليه أن يأخذ حذره من أن لا يسلك الطرق والسبل الأكثر معاشرة. وفي كل الأحوال، عليه أن ينذر بوجوده برنين جرس أو أية أداة موسيقية. فالأمر يتعلق بنفي * النفي هو بمثابة عقوبة سياسية جنائية شائنة، يرتكز على منع أي ان من الإقامة في بلاده أو في أي مكان آخر. حقيقي مفروض على الأشخاص لم
يرتكبوا أية جريمة سوى أنهم برص.
حتى الآن * كان هذا الفصل من حياة فرنسيس في فترة الصيف من العام ١٢٠٥. وان عمره ٢٣ ،بالنسبة لفرنسيس فإن رؤية هؤلاء البرص كان مؤلما جدا لدرجة أنه يرفض رؤيتهم وحتى التقرب من مكان وجودهم. إذا صادف أن رآهم على الطريق أو حتى المرور من مكان إقامتهم وذلك بدليل الواجب كان يدير وجهه لكي لا يعاني من هذه الرؤية القذرة وكان يسد أنفه بأصابعه. أتنم تفهمون: الرائحة، وهذا الخوف من العدوى. إذا كان فرنسيس يعطيهم الحسنة، لنقل الأمر بكل بساطة، فقد كان عبر شخص آخر. ولكن، ذات يوم، عندما كان فرنسيس يتنقل على حصانه في ضواحي أسيزي، إذ بأبرص يأتي لملاقاته. عند رؤيته للفارس الجميل بدأ البائس الفقير بالصراخ:"أبرص، أبرص... أشفقوا على الفقير الأبرص." عادة، في الحالة هذه، لكان فرنسيس أدار لجامه وجعل حصانه يعدو ليبتعد قدر المستطاع من هذه البشاعة. هنا، ترجل فرنسيس. إقترب من الأبرص وأعطاه قطعة نقدية. تلاقى نظره بنظر الفقير المريض. وفي نظر الأبرص، يمكن أن نقرأ في آن واحد الأمل بالإحسان والرغبة بالحصول على نظرة حنونة، إبتسامة، تمكّنه عبرها بالعيش. عندها، دنى فرنسيس. دنى أكثر فأكثر. أخذ يد الأبرص وقبّلها. تلاقت النظرات لبضعة ثوان أيضا. برزت الإبتسامات في السكون. إنضم فرنسيس إلى حصانه الذي بقي على بضع خطوات وجعله يمشي على قهقرة، مثبتا عينيه في عيني الأبرص. سمع فرنسيس دقات قلبه. حلقه متشنج، ليس من العمل الذي أنجزه بل من الإكتشاف الذي قدمه الله له. فشكره الأبرص بطريقة لا يفعلها إلا البشر. وضع أصابعه على شفتيه وأرسل قبلة سلام إلى هذا الفارس المجهول. امتطى فرنسيس حصانه وتابع طريقه. لن ينتظر فرنسيس طويلا، فبعد بضعة أيام، تحدد لنا أسطورة الرفاق الثلاث * 3ر ١١ ب. ، سيجمع المال الوفير والإتجاه إلى مستشفى البرص وذلك لإعطائهم الحسنة لمعالجتهم.
في عشية حياته، لخص فرنسيس في أولى أسطر وصيته الجانب من هذا الفصل في حياته:"هكذا أعطاني الرب، أنا الأخ فرنسيس، أن أبدأ بالتكفير: إذ لما كنت في الخطايا، كانت تبدو لي رؤية البرص مرة جدا. وقد قادني الرب نفسه بينهم، ورئفت بهم. ولدى ابتعادي عنهم، تحول ما كان يبدو لي مرا إلى عذوبة الروح والجسد؛ وبعد ذلك، بقيت قليلا ثم هجرت العالم * ت ١-٢-٣
إن شهادة فرنسيس الخاصة، دائما حقيقية ومختلفة، تعبر عن الحدث عند أصول الإهتداء. هذا الحدث،هو المقابلة مع الأبرص. ونتيجة هذه المقابلة، هي إهتدائه الخاص. أكان فرنسيس كافرا لدرجة أنه كان بحاجة للإهتداء؟ ففرنسيس كان معمدا وقد رأينا قبلا أنه قادرعلى فعل الكثير من الخير. إن اهتداء فرنسيس ينتج في انقلاب القيم، انقلاب النظرة إلى العالم، التي يحددها بنفسه في النقيض الحزن ـ اللطف. هو لا يرى الأشياء أو الأشخاص على النمط نفسه. في حلقة المقابلة مع الأبرص، الأبرص هو دائما الأبرص. ليس أقل من الذين رآهم فرنسيس حتى الآن. وبعد حلقة المقابلة، فإن الأبرص ما زال ألأبرص الذي قبله. الذي تغير هو نظرة فرنسيس للآخر. هذا هو انقلاب القيم الذي نسميه الإهتداء. يمكننا أن نختم تحديدا أن فرنسيس بدأ بالإجابة إلى خالقه الذي يناديه:" أين أنت؟ " * تك ٣ ٩. نستلفت هنا أن هذا السؤال الذي طرحه الله على الإنسان في التكوين هو أول لام وجهه له:أين أنت؟. إنه سؤال يطرح على ل واحد منا. فرنسيس، استعداديا في وصيته، أجاب:... لما نت في الخطايا... . . ثم، أطاع إلى دعوة المسيح الصارمة:"توبوا، فإن ملكوت السموات قريب." * متى ٤ ١٧. هذه الدعوة المطروحة بشكل ناه وفي الجمع (إنها موجهة لكل البشرية) هي أولى الكلمات التي وجهها المسيح للإنسان ومنقولة في إنجيل متى. أسند فرنسيس بحق اهتداءه لله:وقد قادني الرب بنفسه إليهم (البرص) ؛ ورئفت بهم. فهذه مسألة تنبع من القلب. الإحسان لا يكفي. العلاج لا يكفي. يجب فعل ل هذا مع التحام القلب. . أخيرا، قال نعم لنداء المسيح الملح:"اتبعاني" * متى ٤ ١٩. الكلمة الثانية للمسيح موجهة للإنسان في الإنجيل: إذا، تغيير قلبنا هو التهيئة الضرورية لتعقب المسيح. وعندما نطيع هذا الأمر، يمكننا أن نتبعه. هذا ما سيفعله فرنسيس وسيجد تحول العالم:ولدى ابتعادي عنهم، تحول ما ان يبدو لي مرا إلى عذوبة الروح والجسد؛ وبعد ذلك، بقيت قليلا ثم هجرت العالم. .
لهذا السؤال وهذه الدعوات الملحة * لبى الإنسان لهذه الدعوات بالإيمان. الإيمان إجابة الإنسان لله الذي يكشف له عن ذاته ويهبها له، وهو في الوقت نفسه يؤدّي الإنسان دورا فياضا في بحثه عن معنى الحياة الأخير. ت م ك ك ٢٦ ، بحث أشخاص، طوال ثمانية قرون، للإجابة وذلك بعيش المثال الإنجيلي حسب طريقة فرنسيس. قبل البدء بمعرفة القاعدة الفرنسسكانية العلمانية، لنرى كيف نشأ ت هذه الرهبنة.
الرهبنة الفرنسيسية العلمانية
الأصول
سبق لك ربما أن عرفت، أن فرنسيس شهد في غضون العام ١٢٠٨ وصول أول الإخوة قربه. بعدما أن أرسل له الله الإخوة، أنشأ فرنسيس رهبنة الأخوة الفرنسيسية.
بعد وقت قليل، في ليلة الشعانين من العام ١٢١١ * أو سنة ١٢١٢ ، إذ بفتاة شابة من عائلة نبيلة تهرب من بيتها لتنضم إلى فرنسيس. إنها كلارا الأسيزية سينشئ فرنسيس رهبنة السيدات الفقراء (الكلاريس).، والتي معها
في عام ١٢١٢ * أو، في الوضع الحالي للمعلومات، في عام ١٢١٣ أو١٢١٤. ، تساءل فرنسيس. هل يجب أن يتفرغ فقط إلى الصلاة، أو الإنصراف إلى التبشير؟ طلب فرنسيس من كلارا ومن الأخ سيلفستر الذي يوليه ثقة كبيرة، بأن يرشداه إلى أي من هاتين الطريقين عليه أن يتبع. لكن القديسة كلير والأخ سيلفستر أعطياه، بعد الصلاة معا، نفس الإجابة:"إن مشيئة الله هي أن تذهب وتبشر للعالم لأنه لم يخترك لك وحدك، بل لخلاص الآخرين". على الفور، ذهب فرنسيس ليبشر على طرقات الأومبري. وذات يوم عندما كان يبشر في القرية الصغيرة في كنّارا وهي تبعد اثني عشر كيلومتراعن أسيزي، تاثر الرجال والنساء في تلك القرية من طلب هذا الفقير فأرادوا هجر قريتهم، أزواجهم، زوجاتهم وأولادهم ليتبعوا فرنسيس. ولكن، إذا فرنسيس يدعو إلى القداسة فليس لفسخ العائلة وهجر الأولاد. ردّهم فرنسيس عن حماسهم بتشجيعهم لعدم هجر هذه الرغبة بحياة تتبع طرق الله:"لا تستعجلوا قط، لا تذهبوا، سأسوي ما يجب أن تفعلوه لخلاص أرواحكم" * ز١٦. . منذ تلك اللحظة، بدأ فرنسيس بالتفكير بكل إلحاح عن طريقة لجمع هذين المبدأين الضرورين الواحد والآخر: هذا الواجب الذي يحجز المسيحي في العالم ونداء المعلم الذي يطلب منه الخروج ليتبعه حاملا صليبه * Editions Franciscaines 1943, Histoire du Tiers-Ordre, Pierre Péano O.F.M.,p.6 . فخطرت له الفكرة بإنشاء أخوية للعلمانيين، أوأكثر تحديدا للأشخاص الذين لا ينتمون إلى الرهبنتين الأولتين، اللتين أنشأهما قبلا. * تعد الرهبنة الثلثة الكثير من الكهنة. * أسطورة الرفاق الثلاثة (١٥ ٦٠) تحدد: " لهذا فرنسيس، امل الإخلاص للثالوث الأقدس، جدد نيسة الله بثلاث رهبنات ما جسد إصلاح الكنائس الثلاث." هذه الفكرة المبتدعة ستتحقق حوالي ١٢٢١ بعد عودته من سوريا.
هذه الرهبنة الثالثة ستدعى أولا إخوة التوبة، ثم رهبنة العالميون وأخيراالرهبنة الفرنسيسية العلمانية. إذا كان معنى تسمية الثانية والثالثة مفهوما، فالأولى، بالمقابل، يجدر تفسيرها.
رهبنة التوبة
إن كلمة
توبة pénitence في
الفرنسية
مشتقة من
الكلمة
اللاتينية (paenitentia)
والتي ترجم
أباؤنا في
الكنيسة من
#1582;لالها
الكلمة
الإغريقية metanoïa التي
وجدوها في
العهد الجديد.
كلمة metanoïa تعني
التغيير،
الإهتداء. وكلمة
pénitence لم تأت
إلا متأخرة
وستدل على
الممارسات
التطهرية
التي من
خلالها نعلن
عن رغبتنا بالإهتداء.
من
جهة أخرى، في
أوائل القرن
الثالث عشر،
إن كلمات pénitents et pénitence (تائبون
وتوبة) أخذتا معنا
تقنيا
وأصلهما
يعودا إلى
الألف عام.
بالفعل، فمنذ
القرن
الثالث،
عندما طلب
التائبون
العامون
العودة إلى
الحياة
المسيحية،
فرضت عليهم
الكنيسة
واجبات عدة.
هذه الواجبات
الصارمة دوما،
تفرض عليهم أن
توقظ فيهم روح
الإهتداء
الصحيح
وإظهارها
تجاه الطائفة
الدينية. سميوا
إذا التائبون،
واعتبر من
زاوية معينة
أن الكنيسة
تمثل ثلاث
أخويات: أخوية
المبتدئين،
أخوية التائبين
وأخوية
المعمدين.
في القرن الثاني عشر وفي أوائل القرن الثالث عشر، عندما أراد المسيحيون عن إعلان رغبتهم في الإيمان لحياة مسيحية أكثر مولعة بالعبادة، اّتبعوا أحيانا، ولكن هذه المرة طوعا، روح الإهتداء الإنجيلي الذي عبرت الكنيسة عن رغبتها بوجوده لدى التائبين العامين والواجبات التي حددتها لهم. ولتسمية هؤلاء المسيحيون المؤمنون، نستعمل عادة عبارة " تائبون مقيمون في بيوتهم الخاصة "
لذلك، حوالي العام ١٢٢١ ، كتب فرنسيس رسالة موجهة إلى جميع المؤمنين تتضمن فصلين متناقضدين: " الذين اختاروا حياة التائبين " و " الذين يرفضون حياة التائبين ". هذه الرسالة ستكون المقدمة وبداية قاعدة الرهبنة الفرنسيسية العلمانية. إني أدعوك لمعلافة هذه الرسالة التي ستجد فيها النص في كل مجموعة تتضمن كتابات القديس فرنسيس مع نظرته اللاهوتية وديناميكية اهتدائه.
بعد هذه المقدمة المختصرة لإخوة التائبين، إعلم أن إذا الوقت يمر، إذا الكلمات تتغير، فإن الروح البدائية المعطاة من قبل فرنسيس تبقى هي نفسها. إذا، يمكننا الإجابة على السؤال التالي:
ما هي الرهبنة الفرنسيسية العلمانية؟
إن الرهبنة الفرنسيسية العلمانية هي رهبنة * الرهبنة هي تجمع سام ومنظم من قبل الكنيسة التي تمنح هذا اللقب وهذه الصفة. دينية * لا نتحدث هنا عن رهبنة دينية. في الواقع، هذه التسمية: ديني، هي محفوظة بصرامة للذين هجروا هذا العالم ويعيشون حياة جمعية ويقسمون نذور الفقر، العفة والطاعة. أما الذين ينتمون إلى الرهبنة الفرنسيسية العلمانية فهم لا يهجرون العالم ولا يقسمون أية نذور. لقد استعمل البابا بنوا الخامس عشر (+١٩٢٢) ، المتأصّل هو نفسه من رهبنة القدّيس فرنسيس، الكلمة ديني في رسالته البابويّة متحدّثاً عن الأخوية الثالثة (Sacra Propediem) : "... لقد تخيّل فرنسيس الأسّيزي، الأوّل، وأنجز بمساعدة من الله عن الذي لم يخطر ببال أي من مبدعي الرهبنات: جعل حياة الدينية سهلة البلوغ للجميع ". سيعيد البابا بيوس الثاني عشرالعبارة نفسها في رسالته البابوية :.. الرهبنة الدينية، التي بابتكارها لا تلزم ) بأية نذور دينية... (Rite expiatis) ، مؤلفة من أشخاص هدفهم الوصول إلى الكمال المسيحي حسب الروح الإنجيلي للقديس فرنسيس، وذلك بإتمام واجب الدولة والتقيد بقانون موافق عليها من قبل البابا، دون هجر العالم أو القيام يأية نذر.
القانون
لمرتين
اثنين، ُذكر كلمة
قانون.
يجب
العلم أن تبعا
للرسالة
الموجهة إلى كل
المؤمنين سنة ١٢٢١
، كُتبت
ثلاث قاعدات
على التوالي،
أحدثها ناسخة
وبديلة دوماً
عن السابقة.
قاعدتنا
الحالية ُوفقَ
وصُدّقَ
عليها من قبل
البابا بولس
السادس في ٢٤
حزيران ١٩٧٨.
الكلمتان وافق
وصدق لربما كانتا
اسهابا بلا
حدود. لكن
الأمر ليس
ذلك. فكلمة
وافق عليها هي
الإقرار بأن
أسلوب الحياة
الفرنسيسية
هي إنجيلية. وكلمة
صدق عليها هي
إلزام
الكنيسة
بتحمل مسؤوليتها
عند تكليفها الفرنسيسيين
بعيش أسلوب
الحياة هذه.
متعطشون للحرية، لا نحب دوما إتباع أية قاعدة أكانت طبيعية أو عفوية. نفضل أحيانا الإعتماد لحكمنا الخاص. من هنا تتفرع عدة أسئلة حتمية حول القانون: هل القانون ضروري؟ إذا نعم هل هو لا غنى عنه؟ لندع توماس من شيلانو، مؤرخ القديس فرنسيس، والحبر الأعظم البابا يوحنا بولس الثاني ينقلان لنا الأجوبة على هذه الأسئلة.
ترأى يوما لأبونا القديس (فرنسيس) برؤيا من السماء بخصوص القانون. وكان ألأخوة، في تلك الفترة، يتناقشون حول قبول هذا القانون، والقديس نفسه كان منشغلا جدا بهذا الموضوع. فلقد تبين له أن رأى حلما وهو أنه كان يلتقط من الأرض فتات خبز صغيرة وكان عليه أن يوزعها إلى إخوته الجائعين الذين تجمعوا حوله. ولكنه تردد بتوزيع هذه الفتات الصغيرة التي تنزلق بين أصابعه، إذ بصوت من السماء يقول له: "فرنسيس،اصنع بكل هذه الفتات قربانة وهكذا تستطيع أن تطعم كل الذين يرغبون." وهكذا فعل، لكن جميع الذين تناولونها دون إخلاص أودون إهتمام، أصيبوا بالبرص. وفي الصباح، روى القديس ما حلم به لرفاقه، و أسفوا لعدم إمكانية حل اللغز. ولكن في المساء، حين كان يسهر مصليا، سمع صوتا من أعلى السماء يقول له:"فرنسيس، الفتات التي رأيتها في الليلة السابقة، هي كلمات الإنجيل، القربانة هي القانون والبرص هو الخطيئة". * ١ ش ١٥٩ ٢٠٩
في ١٩ حزيران ١٩٨٦ ، توجه البابا إلى الرهبنة الفرنسيسية العلمانية بهذه العبارات:"أحبوا، تعلموا، عيشوا قانونكم لأن القيم الموجودة هي في غاية الكمال الإنجيلي. عيشوا هذه القيم في أخويتكم وفي العالم حيث، بدعوتكم العلمانية، أنتم ملتزمون ومتجذرون. عيشوا هذه القيم الإنجيلية في عائلاتكم، ناقلين الإيمان بالصلاة، المثال والتربية وعيشوا المتطلبات الإنجيلية للمحبة المتبادلة، والإخلاص واحترام الحياة."
يتضمن القانون ثلاثة فصول وهي خلاصة إنجيلية لأجل الأخوة العلمانيين للقديس فرنسيس:
الفصل الأول: الرهبنة الفرنسيسية العلمانية (مبدأ ١ إلى ٣) |
الفصل الثاني: شكل الحياة (مبدأ ٤ إلى ١٩) |
الفصل الثالث: الحياة في الرهبنة (مبدأ ٢٠ إلى ٢٦) |
ـ هيكلية الأخوية |
ـ الدخول إلى الأخوية |
ـ المقابلات |
الفصل الأول: الرهبنة الفرنسسكانية العلمانية * نشير أيضا إلى الرهبنة الفرنسسكانية العلمانية بالألقاب التالية : الإخوة العلمانيون الفرنسسكانيون أو أيضا حسب التعبير السابق : العالميون الفرنسسكانيون مع الإختزال ع ف. في فرنسا، إن التسمية مدعوة أحيانا أخوية القديس فرنسيس
البند ١
بين
العائلات
الروحية
المحدثة من
الروح القدس
في الكنيسة
*
الفاتيكان
الثاني، قانون
للكنيسة، رقم ٤٣
، تجمع
العائلة
الفرنسيسية كل
أعضاء شعب
الله،
علمانيون،
دينييون، كهنة
الذين
يعترفون
بنداء لأتباع
المسيح حسب طريقة
وروحانية
القديس
فرنسيس
*
بيوس
الثاني عشر،
خطاب للرهبنة
العلمانية،
في ١\٠٧\١٩٥٦
.
في
هيكليات
وعبارات عدة،
ولكن بإجماع
وتبادل حيوي،
يريدون
اليوم، في
حياة ومهمة
الكنيسة
*
الفاتيكان
الثاني،
مرسوم عن
رسالة
العلمانيين،
٤ يجب أن
تتشبه
روحانية
العلمانيين
بخصائص مميزة
وفقا لشروط
حياة ل فرد :
حياة زوجية
وعائلية،
عزوبة وترمل،
حالة مرض،
نشاط مهني
وإجتماعي. على
ل فرد تنمية
هذه الخصائص
باستمار
والهبة
المقدمة
خصوصا الذين
هم مؤهلين لشروط
الحياة هذه
واستعمال
الهبة
الشخصية لروح
القدس. أخيرا
إن
العلمانيين
الذين حسب
دعوتهم الخاصة
سيكونون
مندمجين في
مؤسسات أو
معاهد مصدقة
من الكنيسة
عليهم بذل
جهود لإنجاز
دائما خصائص
روحانيتهم
التابعة لهم.
ليقدروا ثيرا المنافسة
المهنية،
المعنى
العائلي
والمهني،
والفضائل
التي تخص
الحياة
الإجتماعية،
مثل الإستقامة،
روح العدالة،
الصدق،
اللطف، الشجاعة.
بدون هذة
الصفات، لا
يوجد حياة
مسيحية حقيقة...
،
تجسيد الهبة
الخاصة
للقديس
فرنسيس
الأسيزي.
في بداية الفقرة، يشار إلى وجه العائلة الروحية. فالمقصود في هذه الأسطر التمهيدية ليس فقط عن الرهبنة الفرنسيسية العلمانية بل جميع العائلة الفرنسيسية: إخوة، مبتدؤن، كلاريس، إخوة علمانيين، وأيضا جميع البراعم الأخرى التي ولدت تباعا: كابوشيون، فرنسيسيات مختلفي الطاعة، ...
فضلا عن ذلك، هي عائلة روحية مستوحاة من الروح القدس في الكنيسة. ليس للعائلة الفرنسيسية دعوة المبارزة مع كنيسة المسيح ولكن لتكون وضمنها. فالصورة المستعملة للتعبير في الوقت نفسه عن هذا الإمتناء للكنيسة والصفة الخاصة للقديس فرنسيس الأسيزي هي صورة الأوركسترا: الأوركسترا تمثل الكنيسة وتؤدي السنفونية، سنفونية الحياة الإنجيلية. الإنتماء إلى العائلة الفرنسيسية، هو إداء السنفونية نفسها مع مجموعة الأوركسترا ولكن بإستعمال آلة موسيقية معينة.
نتحدث أحيانا عن الرهبنة الفرنسيسية العلمانية رهبنة ثالثة. إذا ان ر ف ع * سنستعمل من الآن فصاعدا بلا تمييز تسمية الرهبنة الفرنسيسية العلمانية أو إختزاله هي الرهبنة الثالثة التي أنشأها فرنسيس، فهي تحتل المرتبة الثالثة فقط حسب تسلسل الأحداث في إنشاء الأخويات. بالفعل ليس
ليس هناك ترتيباً معينا ولا واحد يحتل المرتبة الأولى ولكن لكلّ واحدٍ دعوته بالعيش في مجموعة وتبادل حيوي مع الآخرين.
البند٢.
في قلب تلك العائلة، هناك نكتة خاصة للرهبنة الفرنسيسية العلمانية. فهذه الرهبنة تتمثل مثل مجموعة منظمة ومكونة من جميع الأخوة المنتشرين في العالم وأبوابها مفتوحة لل المسيحيين. فهؤلاء . إخوة وأخوات، مندفعون من الروح القدس حسب شروطهم العلمانية أي الكمال الإحساني يلتزمون للعيش تبعا للإنجيل، حسب القديس فرنسيس والقانون المعترف من الكنيسة * قانون الحق الكنسي (قديم) ، القانون ٧٠٢، ١. .
ما حددناه سابقا في أعلى الصفحة، إن ر ف ع هي مفتوحة لجميع المسيحيين الذين لا ينتمون بعد إلى الرهبنتين الأولتين (وليس فقط للعلمانيين * إجتماع الكرادلة العام ٣٥ ١ : إن الكهنة المدعوون من الروح القدس للمشارة في هبة القديس فرنسيس في الرهبنة العلمانية سيحظون بانتباه خاص حيالهم حسب مهمتهم بين شعب الله. ) * مفتوح لجميع المسيحيين باستثناء الذين هم ملتومين علنيا في عائلة دينية اخرى. إجتماع الكرادلة العام ٢ ١. . هذا الجانب يبقى ثابتا منذ الأصل، حتى أننا وجدنا بين الوجوه المعروفة في ر ف ع معمدون كثر: الشفعاء القديسيون من الرهبنة (زد القديس فرنسيس) الذين هم القديس لويس من فرنسا (+١٢٧٠) والقديسة إليصابات من المجر (+١٢٣١). بين البابوات الحديثيون:(+١٨٧٨) بيوس التّاسع ، (+ ١٩٠٣ ) Léon XIII ، (+١٩١٤) Pie X ، (+١٩٢٢) Benoît XV (+١٩٣٩) Pie XI ، (+١٩٥٨) Pie XII . من بين القديسين والطوباويين: (+١٣٠٣) القديس Yves de Tréguier ، (+١٤٣١) القديسة Jeanne d'Arc ، (+١٥٣٥) القديس Thomas More ، (+١٥٤٠) القديسة Angèle Mérici ، (+١٥٥٦) القديس Ignace de Loyola ، (+١٦٦٠) القديس Vincent de Paul ، (+١٦٨٠) القديس Jean Eudes ، (+١٧١٩) ، القديس Jean Baptiste de la Salle ، (+١٨٥٩) القديس Jean Marie Vianney من منطقة Ars ، (+ ١٨٨٨) القديس Jean Bosco ، الطوباوي Antoine Chevrier. بين الوجوه الأخرى: +(١٥٢٠) Raphaël ، (+١٥٦٤) Michel Ange ، (+١٥٩٤) Palestrina ، (+١٧٩٨) Galvani ، (+١٨٢) Volta ، السيدة Martin (ام القديسة تريز الطفل يسوع) ، +(١٩٨١) Léon Harmel (+١٩٨١) Marthe Robin... وأنتَ الذي يقرأهذه الأسطر.
يتحدث البند الثاني أيضا عن الإلتزام. سنعود بالتفصيل في آخر الفصل من هذا الكتاب عن الإلتزام. ولكن، لنحدد منذ الآن أن الترجمة الفعلية للكلمة تكون: حسب المهنة، يتابعون بإعلان إيمانهم بحزم حسب الإنجيل مثل القديس فرنسيس، علما أن في اللاتينية كلمة مهنة تفسر بالتزام علني.
إن الجملة الأخيرة من البند تحدد أيضا إلى ماذا نلتزم: العيش حسب الإنجيل مثل القديس فرنسيس وحسب تلك القاعدة المعترفة من الكنيسة. سيكون إذا إلتزاما حيث مجال التطبيق سيكون بلا حدود. العيش حسب الإنجيل يدعو بالفعل إلى عدم التوقف على النص ولكن بالعكس، إلى تجاوز الحرف والقانون: هو يفتح مجالا بتولا، غير محدود حيث تنعدم المقاييس والحسابات وتسيطر النوعية والحرية. هذه هي الصفة الخاصة التي تميز الرهبنة الفرنسيسية العلمانية * الجمعيات الخيرية هي مؤسسات مبرة، هدفها هو غالبا المساعدة المشترة أو الممارسة في هذه أو تلك التقى المحددة (ألإخلاص للقلب الأقدس مثلا). من بين الرهبنات الأخرى أو من بين المؤسسات الخيرية * الجمعيات الخيرية تكافح بشكل فعال لمهمة خاصة (للبرص أو للعميان مثلا). من كل إقرار.
البند٣.
هدف هذه
القاعدة هو
تكييف
الرهبنة
الفرنسيسية
العلمانية
للمتطلبات
وتلبية رغبات
الكنيسة، في شروط
العالم
الحالي، كما
ُيعمل في"
مشروع
الحياة" سنة
١٢٢١،
الّذي
أقام أولى أسس
ألأخويّة
العلمانيّة،
ثمّ القواعد
المعترفة من
الباباوين
نيقولاس الرّابع
وليون
الثّالث عشر.
سيكون تفسير
هذه القاعدة
من الكرسي
البابوي
والتطبيق
الملموس
سيكون من قبل
بنيات عامة
وقوانين خاصة.
لأغلبية
الرهبنات
القديمة
سابقا
*
باستثناء
الرهبنة
الفرنسيسية
حيث أن
القاعدة المدونة
من قبل القديس
فرنسيس،هي كاشفة
بما فيه
الكفاية في
تطبيقاتها
العملية
لإعتبارالتّغيرات
المرتبطة
بهذا العصر.
أعادت
الكنيسة
تنظيم عدة
قواعد حياتية
لتكييفها مع
المتطلبات
ورغبات
الكنيسة
ولأخذ بعين
الإعتبار
المتطلبات
المرتبطة
بتطور العالم.
ولم تخالف
الرهبنة
الفرنسيسية
العلمانية
هذه
التغييرات.
فلهذه القاعدة
الجديدة ميزة
هي أنها تتقرب
من" أسلوب
فرنسيس" في كتابه.
مثلا، لا نجد
تعليمات
منمرة، تأدية:
عدد من
الصلوات كل
يوم، الذهاب
عدة مرات لزيارة
المرضى، إلخ.
يتفق أن
اختلاف مواقف
أعضاء
الأخويات لا
تؤيد هذا
النوع من
الدقة. ولكن
هل هذا يعني
أن كل منا
يمكنه أن يجد
ويفعل ما
يريد؟ ليس هذا
فعلا. هاتان
التجربتان كبيرتان:
أو يكون لدينا
نوعا من
التصرف
لإتباعه
بطريقة عمياء
لأنها تستطيع
أن تجعلنا
نصدق أننا
متحررين من
المحبة
الإنجيلية (أوليس
إذا المخاطرة
بالزواج من
زور الفريسين
مع معتقداتهم
الشهيرة؟).أو
أيضا
الإنسحاب من
الكرم الحقيقي
ومن طاعة
الروح بعدم
فعل شيء.هذا
الخيار
الخاطئ ليس
بجديد. فيوما،
طلب الأخ ليون
من القديس
فرنسيس، وهو
أحد رفاقه،
إضاحات حول موضوع
الرهبنة.
بالمقابل،
هذا ما كتب له
هذا الأخير:
"إلى الأخ
ليون، تحية
وسلام من أخيك
فرنسيس.
أقول لك
هذا، يا بني،
مثل أم،
لأن جميع
الأقوال التي
تبادلناها في
الطريق،أرتبها
وأنصحك
إياها،
بإختصار،
في هذه
الكلمة؛ فلا
لزوم لمجيئك
إلي إلتماسا
لنصيحة لأني
أنصحك بهذا:
أية وسيلة
وجدتها هي
المثلى
لإرضاء الرب
الإله،
ولإقتفاء
آثاره،
وفقره،
فاتبعها
ببركة الرب
الإله،
وبإذني.
و إن كان من
الضرورة
لنفسك، أو
لتعزية أخرى،
وإن
أنت شئت أن
تأتي إلي،
فتعال!"
*
٧ ب ل (بركة للأخ ليون).
يرفض
فرنسيس أن
يقترح مثالا
لأخوته غير
مثال المسيح.
ولكن حول كيفية
تقليده، أعاد
فرنسيس الأخ
ليون إلى نفسه
بدعوته إلى
التفكير حول
أفضل طريقة
لإرضاء الله
وإتباع طرقه
في الفقر. وكلونه
تأمله هو
بنفسه وعاشه،
فإن جملة
القديس بولس
موجودة
أحيانا في روح
فرنسيس:" ومع
ذلك لعلمنا
بأن الإنسان
لا يبرر
بأعمال
الناموس بل
إنما
بالإيمان
بيسوع المسيح " (غل ٢ ١٦).
وهكذا فإن كل
أخ أو أخت
علماني عليه
العيش حسب
الإنجيل، على
مثال القديس
فرنسيس وعلى
صعيد عملي،
عليه أن يثمر
المواهب التي
غمرها له
الله. عليه أن
يعيش هذه
المواهب في
مجموعات مسيحية
حيث كل فرد له
مكانه. وفي
هذه
المجموعة، لا
تدخل صفات
الأخ في تنافس
مع غيره بل
تغنيها معا.
إن
هدف البنيات
العامة التي
هي المحور في
البند 3 هو
تطبيق
القاعدة
وإظهار حقيقة
القوانين المطلوبة
للإنتماء إلى
الرهبنة
الفرنسيسية
العلمانية،
ونشاط
الرهبنة،
تنظيم حياة الرهبنة
وموقعها
*
القوانين
الأساسية
العامة ٤ ٣
أما
القوانين
الخاصة
فهدفها تنظيم
نشاط ر ف ع على
مستوى دولة
واحدة. فهي
التي تحدد
السن الأدنى
المطلوب لعهد
حياة
إنجيلية (الإلتزام)
*
لا يمكن
يأية حال أن
يكون دون ١٨ عاما.
والعلامة
المميزة
للإنتماء إلى
الرهبنة (التاو
أو أي رمز
فرنسيسي آخر)
*
قوانين
أساسية عامة ٤٣
.
لثلاث
مرات حتى
الآن، كانت
العائلة
محور السؤال.
لا نستطيع أن
نختم هذا
الفصل ألأول
دون الإجابة
على هذا
السؤال: ما هي
الأخوية؟
الأخوية
من
السهل الكشف
في معنى كلمة
أخوية عن وجود
لكلمة أخ.
ولكن من هو
الأخ؟ يجيبنا
القاموس أن
الأخ هو الذي
يولد من نفس الأب
ومن نفس الأم
أو من أحد
منهما.
فأخويتنا هي
أولا نتيجة
مباشرة عن
أبوية عامة
لنا جميعا.
إذا كنّا
إخوة، فهو
لأننا جميعنا
من نفس الأب:
أبانا. كيف
لنا أن لا نذكر
صلاة الأبانا
التي علمنا
إياها يسوع،
المسيح، أخانا.
إذا صلينا في
الحقيقة
أبانا، نخرج
من الفردية،
لأن المحبة
التي نتقبلها
تحررنا.منها.
فال "نا"
في أول الصلاة
الربية، مثل
ال " نا" في
الطلبات
ألأربع
الأخيرة، لا تقصي أحدا.
وحتى تقال
الحقيقة، يجب
أن نتغلب على
انقساماتنا
وخلافاتنا.
*
ت م ٢٧٩٢
.
ولكن
إلى ماذا تفيد
الأخوية؟
يمكننا
القول أن هدف
الأخوية هو
اتمام بالإجماع
خلاص الجميع
*
إحدى الصيغ
النموذجية
للمثال
الفرنسيسي
واحدة من
اللواتي تعبر
بكل اختصار،
أن إذا Ut salvi essent in idipsum
المسيحيين هم
إخوة،
فالحياة
المسيحية هي
حياة في
الأخوية.
.
ما هي
صورة أخواتنا
النمل. فلننظر
إليها في إحدى
وظائفها
اليومية:
الأولى تكتشف
فتات من الخبز
وقعت من شخص كان
يتناول طعامه.
وهذه فتات
الخبز هي أكبر
منها ڊ ٥٠٠ مرة.
هي عاجزة عن
حملها
بمفردها
لأخواتها التي
ستفرح كثيرا
لهذا الإكتشاف.
وها هي تهرع
إلى أخواتها
لتخبرها:"تعالوا
بسرعة. لقد كاتشفت
قطعة خبز كبيرة
على بعد بضع
خطوات. لنسرع
قبل أن يأخذها
عصفورا ما".
وها هي تذهب
جميعها. عددها
كبير الآن،
ومع المخاطرة
بأن تنكسر
أرجلها، حملت
هذا الطعام
ودنت من المنملة.
وبعد جهد كبير،
وصلت أخيرا.
ولكن هذا
العمل لم ينته
هنا. فقد جاءت
الأخريات
لتساعدها
بتقطيعها
قطعا صغيرة
وحملها إلى
دهاليز
الطعام التي
ستخدم للجميع.
هذا هو المثل
الذي تعطينا
إياه النمل لأخويتنا:
الإنجاز معا هو
خلاص الجميع.
طبعا، هذا
الخلاص من
الجميع لا
يتوقف هنا،
مثال النمل من
الناحية
المادية (حتى
ولو كان جزء
منه). هذا
الإنجاز
العام لخلاص
الجميع يتضمن
الجانب
الروحي للفرد:
روحه.
بهذه
الأسطر تنتهي
فقرة تعليم
الفصل الأول من
هذا الكتاب. سنتطرّق
الآن إلى
أسئلة تقليديّة
لختام هذا
الفصل.
أسئلة
أسئلة حول فحص المعارف
١) ما هو المفتاح الحقيقي لكل رؤيا؟
٢) ما هو معنى كلمة توبة؟
٣) ما هي التسمية التي تعطى للرهبنة الفرنسيسية العلمانية؟
أسئلة تعمق
١) في
أول التقدمة،
يسكب الكاهن
النبيذ في
الكأس ويزيد
القليل من الماء
قائلا وغالبا
بصوت منخفض:
" ليكن هذا
الخمر
الممزوج
بالماء رمزاً
لإشتراكنا في
اللاهوت من
شاركنا في
نسوتنا."
ما هو (هي)
المعنى (المعاني)
الذي (التي)
يمكن أن يعطى
(تعطى) لهذه
الجمل؟
٢) إن مقابلة الأبرص كانت بالنسبة لفرنسيس اللحظة المهمة لإهتدائه. فهل، أنا أيضا، عرفت وقتا قويا في حياتي وبسببه تدهورت رؤيتي الخاصة للعالم مع مقاييس القيم؟
٣) إني أقوم بأولى خطواتي في الحياة الأخوية أو أستقبل هذا (هؤلاء) المبتدئ (المبتدئين). في جميع الأحوال ، هل أستطيع أن أعبر بشكل مبسط عن الشيء الذي قادني للبحث عن الحياة الأخوية؟